منها إذا تاب إلى
ربه، ولن يخرج أحد من المسلمين عن هذه الأقسام الثلاثة.
ومن خصائص هذا الشهر
أنه شهر الصبر كما سماه بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، والصبر حبس النفس، وهو
ثلاثة أنواع: حبس النفس على طاعة الله، وحبسها عن محارم الله، وحبسها عن الجزع من
أقدار الله المؤلمة، وكل هذه الثلاثة تجتمع في الصيام الذي أوجبه الله في هذا
الشهر، ففيه حبس النفس على طاعة الله بالصيام، وحبسها عما حرم الله على الصائم في
أثناء الصيام من الشهوات، وحبسها عن الجزع مما تلاقي في الصيام من الجوع والعطش
وضعف النفس والبدن. وقد مدح الله الصبر في كتابه الكريم ووعد الصابرين بالثواب
العظيم فقال: ﴿إِنَّمَا
يُوَفَّى ٱلصَّٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ﴾ [الزمر: 10]، وأخبر النبي صلى
الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه يقول: «الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ،
يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي» ([1])، كما أخبر أن رائحة
أنفاس الصائم وإن كانت متغيرة متكرهة عند الناس فهي أطيب عند الله من ريح المسك؛
لأنها نشأت عن طاعته والصبر في سبيله، فهي ناشئة عن الصوم والصبر عليه.
ومن خصائص هذا
الشهر: أنه تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران؛ وذلك بسبب إقبال المسلمين
فيه على طاعة ربهم وتقربهم إليه بالأعمال الصالحة، وتركهم للمعاصي وابتعادهم عنها،
فهو فرصة هيأها الله لعباده لطلب الجنة والبعد عن النار.
ومن خصائص رمضان: أنه تغل فيه الشياطين فلا يتمكنون من إفساد أعمال المؤمنين، وإغرائهم بالمعاصي؛ ولهذا تقل المعاصي في
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7054)، ومسلم رقم (1150).