يتمكن منه كتب له أجر المجاهد، ومن نوى قيام
الليل فغلبته عيناه ولم يستيقظ كتب له أجر القائم.
وفي قوله صلى الله
عليه وسلم: «وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ
عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً» ([1]) دليل على أن من نوى فعل السيئة وقدر عليه ثم
تركه خوفًا من الله، كتب له بذلك حسنة، لأن تركه المعصية بهذا القصد عمل صالح،
فأما إن كان ترك المعصية لا خوفًا من الله تعالى وإنما تركها لخوف المخلوقين أو
مراءاتهم فإنه لا يحصل على هذا الثواب، بل قيل: إنه يعاقب؛ لأن تقديم خوف
المخلوقين على خوف الله محرم. وإن هم بالمعصية وسعى في تحصيلها ثم حال بينه وبينها
القدر وفي نيته أن يفعلها لو تمكن منها فإنه يعاقب على نيته وسعيه للمعصية، كما
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ
بِسَيْفَيْهِمَا، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ». قَالُوا: يَا
رَسُولَ اللهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ
كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ» ([2])، كما دل الحديث
الآخر على أن من هم بمعصية، وتحدث بلسانه بما هم به، فإنه يؤاخذ على ذلك، قال صلى
الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لأُِمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ
أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ» ([3])، لأن تكلمه
بالمعصية معصية.
فاتقوا الله أيها
المسلمون، وانظروا في أعمالكم ونياتكم، وتزودوا من الأعمال الصالحة، وتوبوا من
الأعمال السيئة والنيات الفاسدة ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [الحجرات: 10].
***
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6126)، ومسلم رقم (130).
الصفحة 4 / 441