وقال تعالى: ﴿وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا
٧ فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا
وَتَقۡوَىٰهَا ٨ قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا ٩ وَقَدۡ خَابَ مَن
دَسَّىٰهَا ١٠﴾ [الشمس: 7- 10]، فأخبر سبحانه أنه خلق
النفس الإنسانية مستقيمة على الفطرة القويمة، وبين لها طريق الخير وطريق الشر، ثم
استرعى صاحبها عليها، فمن أحسن رعايتها وطهرها من الأخلاق الدنية، فإنه يحصل على
الفلاح العاجل والآجل، ومن أساء رعايتها ودنسها بالمعاصي، فإنه يحصل على الخيبة
العاجلة والآجلة. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأ ﴿فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا
وَتَقۡوَىٰهَا﴾ [الشمس: 8] وقف ثم قال: «اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ
خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا» ([1])، وفي «صحيح مسلم»
أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء.
وقد دلت هذه الآيات
الكريمة على أن الطاعة تزكي النفس، وتطهرها، وترتفع بها، وأن المعاصي تدنس النفس،
وتقمعها، فتنخفض بها، وتصير كالذي يدس في التراب. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ
النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا، أَوْ مُوبِقُهَا» ([2]). فدل الحديث على أن
الإنسان لا بد أن يسعى إما في هلاك نفسه أو في فكاكها، وذلك من خلال تصرفاته في
هذه الحياة، فمن سعى في طاعة الله، فقد باع نفسه لله وأعتقها من عقابه، ومن سعى في
معصية الله فقد باع نفسه بالهوان وأهلكها بالآثام الموجبة لغضب الله وعقوبته.
قال الحسن رحمه الله: «ابن آدم، إنك تغدو وتروح في طلب الأرباح، فليكن همك نفسك، فإنك لن تربح مثلها أبدًا». فالمؤمنون يبيعون
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2722).