×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

ولما بلغ معاوية رضي الله عنه هذا الحديث بكى حتى غُشي عليه، فلما أفاق قال: صدق الله ورسوله؛ قال الله عز وجل: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا وَهُمۡ فِيهَا لَا يُبۡخَسُونَ ١٥ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ١٦ [هود: 15، 16].

·        قال الإمام ابن رجبٍ رحمه الله ما ملخصه: واعلم أن العمل لغير الله أقسام:

فتارةٌ يكون رياءً محضًا، بحيث لا يُراد به سوى مراءاة المخلوقين لغرضٍ دنيوي؛ كحال المنافقين في صلاتهم، قال الله عز وجل: ﴿وَإِذَا قَامُوٓاْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ [النساء: 142]، وكذلك وصف الله تعالى الكفار بالرياء المحض في قوله: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بَطَرٗا وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ [الأنفال: 47]. وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمنٍ في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة الواجبة والحج وغيرهما من الأعمال الظاهرة، التي يتعدى نفعها، فإن الإخلاص فيها عزيز. وهذا العمل لا يشك مسلمٌ أنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة.

وتارةٌ يكون العمل لله، ويشاركه الرياء، فإن شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه أيضًا وحبوطه.

وأما إن كان أصل العمل لله، ثم طرأت عليه نية الرياء، وكان خاطرًا ودفعه، فإنه لا يضره بغير خلاف، فإن استرسل معه فهو يُحبَطُ عمله، أم لا يضره ذلك ويُجازى على أصل نيته؟ في ذلك اختلاف بين العلماء من السلف.


الشرح