×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

وأما الملاحظون لنظافة المساجد فغالبهم لا يقوم بعمله مع أنه يتقاضى المكافأة المالية، وهي حرام عليه ما دام لا يقوم بواجبه، ربما يقول بعضهم: إن المكافأة قليلة، فيتساهل بأداء العمل، وهذا عذر باطل؛ لأن المكافأة وإن كانت قليلة فإنه لا يحل له أخذها إلا بأداء العمل، الذي خصصت من أجله.

وأما من حيث تخطيط المساجد: فالوضع الذي عليه غالب المساجد غير مناسب لمتطلبات الوقت الحاضر، فتوزيع المساجد على الحارات غير مناسب؛ لأن بعض الحارات تقل فيه المساجد جدًا، والبعض الآخر تكثر فيه المساجد جدًا من غير حاجةٍ، والواجب أن تنشأ المساجد على قدر الحاجة؛ لأن كثرة المساجد في موضع واحدٍ مما يسبب تفرق المسلمين، وتقليل عدد المصلين فيها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «صَلاَةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلاَتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلاَتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلاَتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللهِ عز وجل » ([1])، فدل هذا الحديث على أن كثرة العدد مطلوبة، وكثرة المساجد مع تقاربها فيه تشتيت للمصلين، وهو أيضًا يسبب العجز عن توفير الأئمة الأكفاء لها، إضافة إلى أن المساجد المتقاربة يشوش بعضها على بعضٍ، فإن بعض الأئمة -هداهم الله- يخرج صوت المكرفون خارج المسجد، فيمتد صوته إلى من حوله من المساجد، وهذا لا مبرر له؛ لأن المطلوب من الإمام أن يسمع من خلفه فقط، أما إذا تجاوز صوته خارج المسجد فهذا فيه محظوران:


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (554)، والنسائي رقم (843)، والطبراني في « الأوسط » رقم (1834).