×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

صلاة التهجُد، فكان القارئ منهم يقرأ بالمئتين في الرَّكعة، حتى كانوا يعتمدون على العصيَّ من طول القيام، وإنما ذكرنا هذا ليقتنع الذين ينفرون من إتمام الصلاة ويستثقلونها، وإذا كان للإمام أن يُراعي أحوال المأمومين فليس معنى هذا أنهُ يَنقُرُ الصَّلاة ويهذي القراءة هذا يخلُّ بها، وإنما المُرادُ التوسط الذي يجمع بين إتقان الصلاة وعدم المشقَّة على المأْمومين، مع القراءة المُتقنة التي يستفيد منها المأموم وتؤثر على القلوب، وأن تكون الصلاة مُعتدلة مُتساوية من أوَّل الشهر إلى آخره، لأنَّ بعض أئمة المساجد يُسرعُ في القراءة ويطيل في الصلاة في أوَّل الشهر إلى أن يختم القرآن، فإذا ختمه تساهل بالقيام في بقية ليالي الشهر التي هي أفضل لياليه، والتي هي ختامه، وبعضهم يسافر في هذه الليالي للعمرة ويترك مسجده، مع أن بقاؤه في مسجده وإتقانه لصلاته في كل ليالي الشهر أفضل له من العمرة، وليس المقصود من التراويح والتهجد في رمضان هو ختم القرآن وقراءة الدعاء المُعدَّ للختم، وإنما المقصود شغل ليالي هذا الشهر كلَّها بالقيام، والختمةُ تابعةٌ وليست مقصودةٌ، فلو لم يختم القرآن مع إتقانه للصلاة في جميع اللَّيالي مع النِّية الصَّالحة فأجره تام إن شاء الله، ولو ختم القرآن مع الإخلال بالصلاة والقراءة أو مع ترك بقيَّة اللَّيالي فأجره ناقصٌ بحسب نقص العمل.

وممَّا شرعه الله في الشهر المبارك زيادة الاجتهاد في العشر الأواخر منه.

لأنها ليالي الإعتاق من النَّار لمن استحقُّوا دخول النَّار إذا تابوا من ذنوبهم واجتهدوا في هذه اللَّيالي بنيَّةٍ صالحةٍ.


الشرح