×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

يضر بصحته وأن يمرضه، فإنه يعدل إلى التيمم، كما فعل عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه، لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميرًا على بعض السرايا، فأصابه احتلامٌ، وكان الماء باردًا جدًا، فتذكر قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا [النساء: 29]، فتيمم بالتراب وصلى بأصحابه، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بذلك، فأقره.

أما إذا كانت البرودة يسيرةً ومتحملةً، فلابد من استعمال الماء.

وهذا الوضوء فيه فضلٌ عظيمٌ، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ» ([1]) أي يكون على أعضائهم يوم القيامة نور يتلألأ من آثار الوضوء، يُعرَفون بذلك بين الأمم، وقال: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإِْيمَانِ» ([2])، وقال: «وَلاَ يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ» ([3]).

الخصلة الثانية: «كَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ» فالذي يتردد على المساجد في اليوم والليلة خمس مراتٍ لأداء الصلوات الخمس، تكثر خطاه، وتكثر درجاته عند الله، ويكثر تكفير الخطايا عنه بسبب تردده إلى المسجد، ولاسيما إذا كان يأتي من مكانٍ بعيدٍ، فكلما كثرت خطاه كثر أجره وكثر التكفير عنه من خطاياه، وقد كان رجلٌ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعيد الدار عن المسجد، وكانت لا تخطئه صلاةٌ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له بعض الناس: لو اشتريت حمارًا تركبه في الرمضاء، قال: ما أحب أن يكون لي ذلك، إني أرجو أن يكتب الله لي خطواتي


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (136)، ومسلم رقم (246).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (223).

([3])  أخرجه: ابن ماجه رقم (277)، والدارمي رقم (655)، والحاكم رقم (447).