ذكر صلى الله عليه وسلم أن بخس المكاييل، يعني: نقص المكاييل والموازين، وبخس الناس أشياءهم، سبب للعقوبات الكثيرة
المتنوعة، من السنين، وهي: الجدب الذي يصيب الناس، وشدة المؤونة، من غلاء الأسعار
وقلة المكاسب، وجور السلطان، جور الولاة الظلمة على الناس في دمائهم وأموالهم، كل
ذلك بسبب هذه الجريمة العظيمة، وهي بخس الناس حقوقهم، ومن ذلك: تطفيف المكاييل
والموازين، بنقصها عن المقدار الواجب، والقسطاس المستقيم الذي يؤدي الحق إلى أهله
من غير ظلم ولا حيف، وقد قال الله تعالى: ﴿وَيۡلٞ
لِّلۡمُطَفِّفِينَ﴾ [المطففين: 1]، من هم؟ ﴿ٱلَّذِينَ
إِذَا ٱكۡتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسۡتَوۡفُونَ ٢ وَإِذَا
كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ ٣ أَلَا
يَظُنُّ أُوْلَٰٓئِكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ ٤ لِيَوۡمٍ
عَظِيمٖ ٥ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ
٦﴾ [المطففين: 2- 6 [.
فهم إذا أخذوا حقهم أخذوه وافيًا، وإذا دفعوا حقوق الناس دفعوها ناقصة.
ومن ذلك: نقص الأكياس بسحب شيء منها خفية، ونقص الصناديق بسحب شيء منها خلسة وخفية، وبيعها على أنها وافية تامة، ومن ذلك: تدليس السلع، بإخفاء عيوبها وسترها، وإظهارها بالمظهر اللائق، ومن ذلك: تغيير ما في أسافل الأوعية من الخضار والتمور وغير ذلك، بأن يجعل جيدها أعلاها، ورديئها أسفلها، حتى ينخدع من لا يفطن لهذه الحيلة الخبيثة، ويظنها كلها سواء، وقد مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِبَائع طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فِي الطَّعَام، أدخل يده الشريفة في هذا الطعام، فَأَدْرَكَ فِي أَسْفَلِهِ بَلَلاً، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» فَقَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاء يَا رَسُولَ اللهِ -يعني: أصابه المطر-، قَالَ: «هَلا جَعَلْتَهُ ظَاهِرًا حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» ([1]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (102).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد