×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السابع

 قال: «إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقع فِيهِ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ» ([1])، فالحلال بينٌ بيَّنه الله سبحانه وتعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم والحرام البيِن سمِّي بينًا لأنه يعرفه العالم والعامي بينٌ لأنه يعرفه العالم والعامي، وذلك مثل الميتة والخمر ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والدم والربا والرشوة والميسر وهو القمار وكل معاملة فيها غشٌّ أو خديعةٌ أو فيها غموضٌ وعدم وضوحٍ وأما الطيبات البينة الحلال البين فمثل الزروع والثمار وبهيمة الأنعام وصيد البر والبحر وما أحل الله جل وعلا تحليلاً واضحًا نص على أنه حلالٌ فهذا حلالٌ بينٌ الواجب علينا أن نأخذ الحلال البين ونترك الحرام البين لأنه ليس لنا عذرٌ في ذلك لبيانه ووضوحه «وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ» بين الحلال والحرام «أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ» لا يدرى هل هي من الحلال أو هي من الحرام نظرًا لاختلاف الأدلة فيها «لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ» أما الراسخون في العلم فإنهم يعلمون حكم هذه المشتبهات والموقف الواجب علينا أننا نتوقف في المشتبهات من باب الاستبراء للدين والعرض أي التورع بألا نقع في الحرام فلا نأكل إلا ما كان حلالاً بينًا لا إشكال فيه ونترك ما كان حرامًا بينًا لا إشكال فيه، ونتوقف فيما اشتبه علينا أمره من باب الاحتياط وبراءة الذمة وترجيحًا لجانب الخطر.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (52)، ومسلم رقم (1599).