فكيفَ ينسب إليَّ قتلهم؟ والَّذي يقالُ لهذا:
إنَّ القتلَ أنْ تزهقَ الرُّوحُ بأيِّ وسيلةٍ من وسائلِ القتلِ، ومن الوسائلِ
القاتلَةِ السُّمُّ والكهرباءُ والسَّبعُ، فعلى مَن سلَّطها إثمُ القتلِ وإن لم
يمدَّ يده. فكذلك التَّصويرُ المرادُ منه إيجاد الصُّورة، والبلاء كلُّه في
الصُّورةِ؟ وحضرة مولانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يغضب إلاَّ لوجُودِ
الصُّورةِ، ولم يخبر أنَّ الملائكةَ لا تدخُلُ البيوتَ الَّتي فيها الصُّورة،
إلاَّ لوجود الصُّورة، ولم يفرِّق صلى الله عليه وسلم بين صورةٍ وصورةٍ، بل جعلَ
مناطَ النَّهي الصُّورة الَّتي تشبه أيَّ حيوانٍ فإنَّه الَّذي له الحياة فيقالُ
لفاعلِ مُشابِهه: «أَحْيِهْ»؛ أيْ: انفُخْ الرُّوحَ فيه. أمَّا الشَّجر وغيره من
الجماداتِ والنَّباتاتِ فلا يقالُ فيها ذلك. على أنِّي أقول: إنَّ هَذِهِ الآلةَ
المصوَّرة لا يتَّضح ما صوَّرته، ويحكم عليه بأنَّه صورةٌ بمجرَّدِ توجيهها إِلَى
ما يُرادُ تصويره حتَّى يقال: إنَّه لا دخْلَ للإنسانِ فيه، بل للمصوِّرِ بعد ذلك
التَّوجيهِ أعمالٌ كثيرةٌ حتَّى تتَّضح الصُّورة، ولولا تلك الإجراءات ما اتَّضحت
صورةٌ ولا كان تصويرٌ. بل له شروطٌ خاصَّةٌ يستَوفِيها وقتُ توجيهِ آلةِ
التَّصويرِ، ولولا هَذِهِ الشُّروط لاستحالَ أن تكونَ صورةً. وإذًًا كيف لا يكونُ
الإنسانُ مصوِّرًا إذا كان تصويرُه بسببِ تلكَ الآلة؟ وكيفَ ينفي عنه حرج
التَّصويرُ؟ إِلَى أن قال: ولو شِئتَ لقلت: إنَّ عذابَ المصوَّرِ بتلكَ الآلة
سيكونُ أضعاف أضعاف ما يصوِّره المصوِّرُ بيدِه. بل الَّذي تصوِّره آلةُ
التَّصويرِ في كلِّ لحظةٍ يمكث المصوِّر بيده سنين في تصويرِه، والعذاب على قدر
الإنتاجِ في التَّصويرِ، وذلك أنَّك تفهَمُ أنَّ تصويرَ صورةٍ واحدةٍ معصيةً كبرى،
واحدةً، فاذَا انضمَّ إليها تصويرُ صورةٍ ثانيةٍ كانت معصيةً ثانيةً، وهكذا كلَّما
كثرت الصُّورُ المصوَّرة كلَّما كثُرَت آثامُ المصوِّرِ. وأنت تعلَمُ أنَّ العذابَ
يكونُ على قدرِ