فوقَ الخمارِ، قالَهُ ابنُ مسعودٍ وعبيدةُ
وقتَادةُ والحسَنُ البصريِّ وسعيدُ بن جبيرٍ وإبراهِيمُ النخعِيّ وعطاءُ
الخراسانيِّ وغير واحدٍ، وهو بمنزلةِ الإزار اليوم. قال الجوهريُّ: الجِلبابُ:
الملحَفَةُ. قال عليُّ بن أبي طلحة عنِ ابن عبَّاس: أمرَ اللَّهُ نسَاءَ المؤمنين
إذا خَرجْنَ من بيوتهنَّ في حاجةٍ أن يُغطِّين وُجُوههنَّ من فوقِ رُؤوسِهنَّ
بالجلاليبِ ويُبدين عينًا واحدةً.
وقال محمَّدُ بن
سيرين: سألتُ عبيدة السَّلماني عن قولِ اللَّهِ عز وجل: ﴿يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ﴾ [الأحزاب: 59]
فغطَّى وجْهَهُ ورأسَهُ وبرز عينَهُ اليُسرى». ا هـ.
وقال الشَّيخُ
محمَّد الأمينُ الشّنقيطيُّ في «أضواء البيان» (6/ 197- 200) لمَّا ذكرَ النُّقولَ
عنِ السَّلفِ في تفسيرِ الزِّينةِ بقسميها ما نصُّه: «وقد رأَيتُ في هَذِهِ
النُّقولِ عنِ السَّلفِ أقوال أهلِ العلمِ في الزِّينةِ الظَّاهرةِ والزِّينةِ
الباطنةِ وأنَّ جميعَ ذلك راجِعٌ في الجملةِ إِلَى ثلاثةِ أقوالٍ كمَا ذكرنا:
الأوَّل: إنَّ المرادَ
بالزِّينةِ ما تتزيَّن به المرأةُ خارجًا عن أصلِ خلقَتِهَا، ولا يستلزمُ النَّظرُ
إليه رؤية شيءٍ من بدنِهَا كقولِ ابنِ مسعودٍ ومن وافَقَه: إنَّها ظاهِرُ
الثِّيابِ؛ لأنَّ الثِّيابَ زينة لها عن أصلِ خلقتها وهي ظاهرةٌ بحكمِ الاضطرارِ
كمَا ترى، وهذا القولُ هو أظهَرُ الأقوالِ عندنا وأحوطها، وأبعدها من الرِّيبةِ
وأسبابِ الفتنةِ.
القولُ الثَّاني: إنَّ المرادَ
بالزِّينةِ ما تتزيَّن به وليسَ من أصلِ خلقتها أيضًا، لكنَّ النَّظر إِلَى تلك
الزِّينةِ يستلزمُ رؤية شيءٍ من بدنِ المرأةِ وذلك كالخضابِ والكحلِ، ونحو ذلك
لأنَّ النَّظر إِلَى ذلك يستلزم رؤية اللاَّبس من البدنِ كمَا لا يخفى.