×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

هَذَا، وإنَّ ما ذَكَرهُ الأُستاذ/ يُوسُف الرِّفاعي فِي أوراقِهِ الَّتي سَمَّاها «نَصيحةً» يَنْقسمُ إِلَى قِسْمَين:

القسمُ الأوَّلُ: حقٌّ، وَعُلماء نَجْد وغَيْرهم من أَهْل السُّنَّة والجَمَاعة سَلفًا وَخَلفًا قَائلُون به، لكنَّهُ رَآهُ بَاطلاً، وَنَصَح بتَرْكه لعَمَى بصيرتِهِ.

ومَنْ أَعْمَى اللَّهُ بَصيرتَهُ، فَإنَّهُ يَرَى الباطلَ حقًّا، وَالحقَّ بَاطلاً: ﴿وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡ‍ًٔاۚ [المائدة: 41]، وما كُلُّ مَنْ تَظاهَر بالنَّصيحَة يكُونُ ناصحًا؛ فإبليسُ قَالَ لآدَمَ وحوَّاء حينما أغْرَاهُما بالأَكْل من الشَّجرَة الَّتي نَهاهُما اللَّهُ عنها، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عنهُ: ﴿وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّٰصِحِينَ [الأعراف: 21]، وفِرْعونُ قَالَ لقَوْمه حينما حَذَّرهُم من اتِّباع مُوسَى عليه السلام: ﴿إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ [غافر: 26]، فأَحْيانًا يَظْهر العدُوُّ بصُورَة النَّاصح خداعًا ومكرًا، أَوْ يُخيَّلُ إلَيْه أنَّ عَملَهُ فيه إصْلاَحٌ ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ ١١ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ [البقرة: 11، 12]، فَيَجبُ الحَذرُ من أَمْثَال هَؤُلاَء؛ لأنَّهُم كَمَا قَالَ الشَّاعرُ:

وَمَا كُلُّ ذي لُبٍّ بمُؤْتيك نُصْحهُ *** وما كُلُّ مُبْدٍ نُصْحَهُ بلَبيبِ

وقَدْ رأيتُ الرَّدَّ عَلَيْهما؛ لأنَّهُ لو تُرِكَ الرَّدُّ عَلَى المُبْطلين لالْتبسَ الحقُّ بالبَاطل، وَلَتشجَّع أَهْل البَاطل عَلَى بَاطِلِهم، واللَّهُ تَعَالَى قَدْ ردَّ فِي كتابِهِ عَلَى أَهْل البَاطل فِي مَوَاضعَ كثيرةٍ من القُرْآن، ولمَّا قَالَ أبُو سُفْيان يوم أُحُدٍ للمُسْلِمِين: لنَا العُزَّى ولاَ عُزَّى لكُم، قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابِهِ: «قُولُوا: اللَّهُ مَوْلاَنَا، وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ» ([1]).


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3039).