وإن لم يتبْ وَجبَ قتْلُهُ لقَولِ النَّبيِّ صلى
الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ([1])، حِمَايةً للدِّينِ من التَّلاعُبِ به.
وأمَّا الذُّنوبُ الَّتي هي دُونَ الكُفْرِ والشِّركِ والرِّدَّة وإن كانت
كبَائر ومُوبقاتٌ، فأَهْلُ السُّنَّة والجماعَةِ لا يحْكُمون على مُرتَكِبِهَا
بالكُفرِ والخروج من المِلَّة كمَا تقولهُ الخوارجُ والمعتزلةُ، ولا يقولون:
إنَّها لا تضرُّ صاحِبُها، كمَا تقَولُه المُرجِئَةُ، بل يقولون: إنَّها تُنْقِصُ
الإيمانَ وهي تحتَ مشيئةِ اللَّهِ إن شاءَ اللَّهُ غفَرَها لصاحِبِهَا، وإن شاءَ
اللَّهُ عذَّبَهُ بقدْرِ ذُنُوبِه ثمَّ يخرجُ من النَّارِ إِلَى الجنَّةِ. قَالَ
تَعَالَى: ﴿إِنَّ
ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن
يَشَآءُۚ﴾ [النساء: 48]. فأهلُ السُّنَّةِ جمَعُوا بين نصوصِ الوَعْدِ ونُصوصِ
الوَعيدِ، ولم يَأْخُذوا بطَرفٍ منها ويَتركُوا الطَّرف الآخر كمَا يفعلُهُ أهْلُ
الضَّلالِ والَّذين في قُلُوبِهم زيغٌ. هَذَا ما أحببت التَّنبيه عليه في هَذِهِ
المسألَةِ الَّتي أصبَحَت حَديث المجَالسِ وتناولها الجهَّالُ والمتعالِمُون
بالأحْكَامِ الخَاطئَةِ الخَطرة، ممَّا زاد الشَّرُّ شرًّا وفتحَ البابَ لأعداءِ
الإسلامِ والمُغْرِضين.
اللَّهمَّ أرِنَا الحقِّ حقًّا وارزُقْنا اتِّباعَه، وأرِنَا الباطِلَ
بَاطِلاً وارْزُقْنا اجْتِنَابَه، ولا تجعله متلبِّسًا علينا فنضلَّ. وصلَّى
اللَّهُ وسلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ وآلِه وصَحْبِه..
كتبَهُ صالِحُ بن فوزان بن عبدِ اللَّهِ الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
في 31/ 10/ 1424 هـ.
****
([1])أخرجه: البخاري رقم (3017).
الصفحة 4 / 325