القول الثالث: أنَّ المرادَ
بالزِّينة الظاهرة بعضُ بَدنِ المرأةِ الذي هو مِن أصلِ خِلقَتِها لقول مَن قال: «إِنَّ
المُرادَ بما ظهَرَ مِنها الوَجهُ والكَفَّانِ، وما تقَدَّمَ ذِكْرُه عن بعضِ أهلِ
العِلْمِ». وإذا عرفتَ هذا فاعلم أنَّنا قدَّمْنا في ترجمة هذا الكتاب المُبارك
أنَّ مِن أنواعِ البيانِ التي تضمَّنها أنْ يقولَ بعضُ العلماء في الآية قولاً،
وتكون في نفس الآية قرينةُ دالَّةٌ على عدمِ صِحَّةِ ذلك القول، وقدَّمنا أيضًا في
ترجمته أنَّ مِن أنواع البيانِ التي تضمَّنها أن يكون الغالبُ في القرآن إرادةَ
معنًى مُعيَّنٍ في اللَّفظِ مع تَكْرارِ ذلك اللَّفظ في القُرآن، فكون ذلك المعنى
هو المُراد من اللَّفظِ في الغالب يدُلُّ على أنَّهُ هو المُرادُ في محلِّ
النِّزاعِ لدلالة غلبةِ إرادتِه في القرآن بذلك اللفظ، وذكرنا بعضَ الأمثلة في
التَّرجمة.
وإذا عرفتَ ذلك
فاعلَمْ أنَّ هذينِ النَّوعينِ مِن أنواعِ البيانِ اللَّذين ذكَرْناهما في ترجمة
هذا الكتاب المُبارك، ومثَّلنا لهما بأمثلةٍ مُتَعدِّدة كلاهما موجود في هذه الآية
التي نحنُ بصدَدِها.
أمَّا الأولُ منهما: فبيانُه أنَّ قولَ
مَن قال في معنى: ﴿وَلَا
يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ﴾ [النور: 31]: أنَّ
المُرادَ بالزِّينة الوجْهُ والكَفَّان مثلاً. توجد في الآية قرينةٌ تدُلُّ على
عدمِ صِحَّةِ هذا القول، وهي أنَّ الزِّينةَ في لغة العرب هي ما تتزَيَّنُ به
المرأةُ مِمَّا هو خارجٌ عن أصْلِ خِلْقَتِها، كالحُلِيّ والحُلَل؛ فتفسيرُ
الزِّينة ببعض بَدَنِ المرأة خِلاف الظَّاهر ولا يجوزُ الحَمْلُ عليه إلاَّ بدليلٍ
يجب الرُّجُوع إليه، وبه تَعْلَمُ أنَّ قوْلَ مَن قال: الزِّينةُ الظاهرةُ
الوَجْهُ والكفَّانِ خِلافُ ظاهرِ معنى لفظِ الآية، وذلك قرينةٌ على عدَمِ صِحَّةِ
هذا القول؛ فلا يجوز الحَمْلُ عليه إلاَّ بدليل مُنفصل يجب الرُّجُوع إليه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد