وأَمْرُكَ
بالمعروف والنَّهْيُ يا فتى *** عن المُنْكَرِ اجْعَلْ فرْضَ عَيْنٍ تَسَدَّدِ
عَلى
عَالِمٍ بالحَظْرِ والفِعْلِ لمْ يَقُمْ *** سِوَاهُ بِهِ
مَعْ أَمْنِ عُدْوَانِ مُعْتَدِ
*****
فإِذا لم يستطعِ
الإِنْكارَ بلسانِه، فإِنَّه يُنكِر المُنْكَرَ بقَلْبِه، ويعتزلُ أَهْلَه،
ويعتزلُ المُنكَر، أَمَّا الذي لا يبالي بالمُنكَر، فهذا يهلِك؛ لأَنَّه ليس في
قلبه من الإِيْمان حبَّةُ خَرْدَلٍ كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَلَيْسَ
وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِْيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ» ([1])، فالذي لا يُنكِر
المُنكَرَ لا بلسانِه ولا بيَدِه ولا بقلبِه، هذا ليس فيه إِيْمانٌ، وهذه صفةُ
المنافقين يأْمرون بالمُنكَر وينهون عن المعروف.
فرضُ العَيْنِ هو
الذي يجب على كلِّ واحدٍ، وفرضُ الكِفايةِ هو الذي يجب على المجموعةِ. والأَمْرُ
بالمعروف والنَّهْيُ عن المُنكَر فرضُ عَيْنٍ بشروطٍ:
الأَوَّلِ: أَنْ يكونَ عنده
علمٌ، يعرف الحلالَ والحرامَ والمُنْكَرَ والمعروفَ، أَمَّا الجاهلُ فهذا لا
يصلُح؛ لأَنَّه قد يُنكِر ما هو معروفٌ، وقد يُقرُّ ما هو مُنكَرٌ لجهلِه، فلا
بدَّ أَنْ يكونَ عنده علمٌ بما يأْمر به، وبما يَنْهى عنه؛ ولو على سبيل
الإِجْمال.
الثَّاني: أَنْ لا يقومَ به
غيرُه، أَمَّا إِذا قام به غيرُه فالحمدُ لله صارَ فرضَ كِفايةٍ، يكون فرضَ عَيْنٍ
إِذا لم يقمْ به أَحَدٌ، إِذا قام به مَنْ يكفي سقَط الإِثْمُ عن الباقين.
الشَّرطِ الثَّالثِ: أَنْ يَأْمَنَ أَنْ ينالَه ضررٌ غيرُ مُتحمَّل، فإِنْ كان سيناله ضررٌ غيرُ مُتحمَّلٍ كأن يُقتل أَوْ يُوقَعَ به شيءٌ يضُرُّ به فهذا معذورٌ، أَمَّا
([1]) أخرجه: مسلم رقم (50).