وَلَيْسَ
كُسُوفُ النَّيِّرَيْنِ بِمُوجِبٍ *** لأَِمْرٍ سِوَى تَخْوِيفِنَا وَالتَّهَدُّدِ
*****
وشرعَ لنَا
النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عنْدَه الصَّلاةَ، ولا تَنافي بَين شَرعيَّة
الصَّلاة وأنَّه يُدركُ بالحِسابِ، فمَواقيتُ الصَّلاة أيضًا تُدرك بالحسَابِ، ومع
هَذا شَرع اللهُ جل وعلا لنا الصَّلَوات الخَمسِ، فَلا تَنافي بَين كَونِه يُدرك
بالحِسابِ، وكونِه تُشرعُ صَلاة الكُسوفِ؛ ولأنَّه ولو كانَ يُدرك بالحِسابِ
ويُعرف بالحسابِ وقتُهُ ومدَّته، إلاَّ أن اللهَ قَد يُغيِّر هذا الكسُوفَ، ويكونُ
عَلامةً على عَذابٍ سيَحدُث؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لما كسفَتِ
الشَّمسُ خَرج فَزِعًا يَجرُّ رداءَه يَخشى أن تَكُون السَّاعة ([1])، فربما يَعقُب
الكُسوفَ عُقوبةٌ لأهْلِ الأرْض إذا غَيَّروا، فلا تَنافي بَين كَونه يُدركُ
بالحِساب، وكَونه يُصلِّى عِندَه، وكونِهِ قد يَكونُ علامةً على عَذابٍ.
الحِكمةُ منَ الكُسوفِ والخُسوفِ، تَخويفُ النَّاس بهِما؛ حيث إن هذه الشَّمس النَّيِّرة المُضيئَة حُجبَ نُورُها، وهذا القَمرُ المُضيءُ حُجبَ نورهُ، يُخشَى أن يَكون هذا مُستَمرًّا، ويكون عَذابًا على النَّاسِ، فهذا مِنَ الحِكمَة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، يُخَوِّفُ اللهُ بِهِمَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمَا ذَلِكَ فَصَلُّوا، وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ» ([2])؛ أي: حتى يَذهَب الكُسوفُ والخُسوفُ؛ خَشْيَةَ أن يكون عند حُدوثِهِما عذابٌ وغضَبٌ من اللهِ سبحانه وتعالى، وقال سُبحَانه: ﴿وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡأٓيَٰتِ إِلَّا تَخۡوِيفٗا﴾ [الإسراء: 59]، ومن الآياتِ: الكُسوفُ والخُسوفُ، يُخوِّف اللهُ بهما عِبادَه، أمَّا ما يَعتَقِده أهلُ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1059).