وَحُظِرَ
بِلاَ خُلْفٍ سِفَارٌ بِمُصْحَفٍ *** لِدَارِ حُرُوبٍ مِثْلَ تَمْلِيكِ مُلْحِدِ
وَحَرُمَ
عَلَيْهِ الاتِّكَاءُ عَلَى الذِي *** بِهِ مِنْهُ مَعَ كُتُبِ الحَدِيثِ وَشَدَّدٍ
وَجَائِزٌ
إِيجَارٌ لِنَسْخِ القُرْآَنِ وَالـ *** ـحَدِيثِ وَكُتُبِ الفِقْهِ
وَالشِّعْرِ لاَ الرَّدِّ
*****
«وَعَنْهُ أَكْرَهُ»؛ عن الإمامِ أحمدَ
رِوايتانِ، رِوايَةٌ أنَّه يَحرُم بَيعُه وتأجِيرُه، وَرِوايَةٌ أنه يُكرَه
كَراهَة تَنزيهٍِ، والصَّحيح أنَّه جَائز من غَير كَراهَةٍ إن شَاء اللهُ.
«وَفِي الإِبْدَالِ
وَجْهَيْنِ أَسْنِدِ» إبدالٌ: يعني تبادُلُ المَصاحِف، هذا نوعٌ من البَيعِ،
إن جازَ البَيع جَازتِ المُبادلَةُ، وإن مُنع البيع مُنعت المُبادَلةُ، «وَجْهَانِ»؛
يَعني عن الأصْحابِ، وجْهَان في الإبْدَال، ولَمْ يُروَ عَن الإمامِ أحْمَدَ في
ذَلك شَيءٌ.
أَمَّا السَّفَرُ
بِه إلى بلاد الكُفارِ الحَربِيينَ فهوَ حَرامٌ بالإجْماعِ، أما دارُ المعاهِدينَ
فَلا بأسَ بذلِكَ، بِشرْط أن يَكون في حَوزةِ المُسلِم وعُهدتِه، وأن لا يُضيعَه
ويقعَ بأيدِي الكفَّار، وكذلك لا يُملَّكُ المُصحفُ لكافِرٍ.
«وَحَرُمَ عَلَيهِ
الاتِّكَاءُ»)؛ مِنْ أحْكام المُصحَف أنَّه لا يَجوزُ الاتِّكاءُ عليهِ ولا تَوسُّدُه؛
لأنَّ في هذه امْتهَانًا له.
يجوزُ استِئجارُ النُّسَّاخِ والوَرَّاقين يَنسخُونَ المَصاحِف، لا بأسَ بذلكَ؛ لأنَّ هذا من وَسائلِ التَّعلُّم، ولا يمكنُ الحُصولُ على نُسخَة إلاَّ بهذه الطَّريقَة، والاسْتئجارُ على ذلكَ جَائزٌ والأجْرةُ حَلالٌ. وكذلكَ الشِّعرُ يَجوز أنْ تَستأجرَ من يَنسخ لكَ الشِّعرَ النَّزيهَ الذي ليس فيهِ إلحَادٌ وليسَ فيه مُجون؛ لأن فيهِ حِكمَة وفيهِ لغَة وفيهِ ذَخيرةٌ عظيمَة، فالشِّعرُ هو ديوانُ العَرب، وفيه مصالِح.