×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وما كانَ أَوْفَى قُوتَهُ مِن نجاسةٍ *** وقيل كثيرًا منه حَرِّمْ بأَوْكَدِ

وأَلْبانُها والبَيْضُ منها فحرِّمَنْ *** وعَنْهُ بَلْ أَكْرِهْ قَبلْ تَحْبِيْسِها قَدِ

*****

الجَلاَّلةُ، هي الدَّابة التي تأْكل مِن العَذِرةِ، هذه نهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن لحومِها وأَلْبانِها حتى تُحبس ثلاثًا وتُطعم الطَّاهر، فتحلُّ بعد ذلك، ولا يجوز أَكْلُها قبلَ أَنْ تُزال عنها آثارُ النَّجاسة. لأَنَّه قد نَهى عن لحومِ الجَلاَّلة وعن أَلْبانِها ([1])، وهلْ لا تكون جلاَّلةٌ إلاَّ إِذا كان أَكْثرُ أَكْلِها مِن النَّجاسات أَوْ يكفي ولو مرَّةً؟ هذا معنى كلامُ النَّاظم، أَوْ لا بدَّ أَنَّه يكثر هذا؟ بحيث تكون جلاَّلةً؛ لأَنَّ جلاَّلةً مبالغةٌ تدلُّ على كثرة ما تأْكل مِن النَّجاسات، وعلى كلِّ حالٍ كما ذَكَرْنا، هذا ممَّا يدلُّ على أَنَّ شَرْعَنا يحرِص على أَنْ نأْكلَ مِن الطيِّبات.

والنَّهْيُ عن لحومِ الجلاَّلة وأَلْبانِها للتَّحْريم، وهذا هو الأَصْلُ، ولكن يقولون: إِنَّ الحديثَ ضعيفٌ، ولكنْ إِذَا نَظَرْنا إِلَى الآياتِ ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ [الأعراف: 157]، ﴿كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ [البقرة: 172]، ﴿يَسۡ‍َٔلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمۡۖ قُلۡ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُ [المائدة: 4]، فإِنَّه يتقوَّى هذا الحديث بهذا الأَصْلِ.

ومِثْلُ لَبَنِ الجَلاَّلة، بَيْضُ الدَّجاجةِ، وبيضُ الطَّائِر الذي يأْكل النَّجاسة، فالدَّجاجةُ التي تأْكل مِن النَّجاسات يُنهى عن أَكْلِ بَيْضِها؛ لأَنَّه يتأَثَّرُ بالنَّجاسة.


الشرح

([1] أخرجه: الترمذي رقم (1824) والنسائي رقم (4447).