ولكن قد يسألُ سائلٌ
يقول: نَجِدُ في القرآن أنَّ اللهَ أقسمَ بأشياءَ مَخلوقات، أقْسَم بالتِّينِ
والزَّيتونِ، وطُور سِنينَ، وأقسمَ باللَّيلِ، وأقسَمَ بالضُّحى، والفَجرِ، أقسَمَ
بمخلُوقاتِه، وأقسَمَ بحياةِ نَبيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿لَعَمۡرُكَ إِنَّهُمۡ لَفِي سَكۡرَتِهِمۡ يَعۡمَهُونَ﴾ [الحجر: 72].
فالجواب: أن اللهَ
جل وعلا يُقسمُ بما شَاء من خَلقِه، وأما المَخلوقُ فلا يُقسم إلاَّ باللهِ عز وجل،
ثم يجب احترام اليمينِ، وأن الإنسان لا يَحلفُ إلاَّ عند الحاجةِ، ولا يُكثر من
الأيمان، قال تعالى: ﴿وَلَا
تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ﴾ [القلم: 10]، حلاَّف: يَعني كثير الحَلفِ.
وكذلك الذي يحلفُ في البيع والشراء من أجل أن يُروِّج سِلعَته هذا متوعد بأن الله يكون خصمه يوم القيامةِ. كما في الحديث: «وَرَجُلٌ جَعَلَ اللهَ بِضَاعَتَهُ، لاَ يَشْتَرِي إلاَّ بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَبِيعُ إلاَّ بِيَمِينِهِ» ([1]). لا يجوز الاستهانَةُ باليَمينِ واتخاذُها مَجلبَةً للزبائن، فَيجبُ أن يُعظِّمَ الإنْسانُ اليَمينَ بالله، فلا يحلِفُ إلاَّ عند الحاجَةِ، ولا يحلفُ إلاَّ وهو صادِقٌ، ولا يجوز الكذِبُ في اليمين، وإذا حلَفَ على أمرٍ مستقبَلٍ وخالف اليمين تجبُ عليه الكفَّارَة، قال الله جل وعلا: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِيٓ أَيۡمَٰنِكُمۡ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلۡأَيۡمَٰنَۖ فَكَفَّٰرَتُهُۥٓ إِطۡعَامُ عَشَرَةِ مَسَٰكِينَ مِنۡ أَوۡسَطِ مَا تُطۡعِمُونَ أَهۡلِيكُمۡ أَوۡ كِسۡوَتُهُمۡ أَوۡ تَحۡرِيرُ رَقَبَةٖۖ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖۚ ذَٰلِكَ كَفَّٰرَةُ أَيۡمَٰنِكُمۡ﴾ [المائدة: 89]، ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ﴾؛ معناه: لا تحلفوا، أو إذا حلفتُمْ فكفِّروا عن
([1])أخرجه: الطبراني في «الكبير» رقم (6111)، والبيهقي في «الشعب» رقم (4852).