×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَإِلاَّ فَعَفْوُ اللهِ عَنْ غَيْرِ مُشْرِكٍ *** فَسِيحٌ كَمَا أَنْبَأَ بِآَيٍ مُعَدَّدِ

*****

النار يعني طُول بَقائه فيها، وليس التَّخليدُ الدَّائم، هذا إنَّما هو للكُفَّار والمُشركِين.

أما المسلمُ فإن عُذِّب في النَّار وإن خُلد فيها فإنَّه لا بُدَّ أن يخرج منها، ولكن يُراد بالتَّخليدِ طُول الإقامَةِ فيها وطول العذابِ فيها، فالخلاف بين ابن عباس وبين الجمهور هو في كونِه يُعذَّب ولا بدَّ، أو كونه إذا تابَ تابَ اللهُ عليه، لا أنه يَكفُر، ولا أنه يُخلد في النَّار تخليدًا دائمًا أبدًا، وإنما هذا للكفَّارِ والمشركين.

ويكون معنى الآية عند الجُمهور: ﴿وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ [النساء: 93]، هذا جَزاؤه إن شَاءَ اللهُ تَعذيبَه، فإن هذا جزاؤُه، أما إذا شاءَ اللهُ العفوَ عنه فإنه يُعفى عنه، فهذا راجعٌ إلى مشيئَةِ الله كما قيَّد الله ذلك بقوله: ﴿وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ[النساء: 48] فتكون الآية: ﴿فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا[النساء: 93]، آيةٌ عامَّةٌ تُقيد بقوله: ﴿وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48] وقوله: «مِنْ غَيْرِ مَخْرَجٍ»؛ يعني: لا يَخرُج من النَّارِ بالشَّفاعَةِ كما يخرج منها سَائرُ العُصاةِ حتى يستوفي عَذابَه في النار؛ هذا رأيُ ابن عباس رضي الله عنهما.

هذا كلام الجُمهورِ، يقولون: عَفوُ اللهِ يَشمَلُ القَاتلَ وغيرَه؛ لقوله تعالى: ﴿وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ[النساء: 48] هذا عَامٌّ للقاتِلِ وغيره.


الشرح