بِإِهْمَالِهَا
يَسْتَوْجِبُ المَرْءُ قَرْنَهُ *** بِفِرْعَوْنَ مَعَ هَامَانَ فِي شَرِّ مِذْوَدِ
*****
وقَولُه: «فَلاَ
رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا لِمُكَلَّفٍ»؛ يعني لمن كان عَقلُه مَوجودًا؛ لأنَّه
مُكلَّف، وإذا زال عقْلُه ذَهبَ التَّكليفُ.
وقوله: «وَأَوَّلُ
مَا عَنْهَا يُحَاسَبُ فِي غَدِ»؛ أوَّلُ ما يُحاسَبُ عَنه العَبدُ كما في
الحدِيثِ: «أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ
الأَعْمَالِ صَلاَتُهُ فَإِنْ قُبِلَتْ قُبِل سائرُ أَعْمَالِهِ وَإِنْ رُدَّتْ
رُدَّ سَائِرُ عَمَلِهِ» ([1])، فالذي لا يُصلِّي
ما له يوم القيامةِ عند الله ميزانٌ، ولا لَهُ إلاَّ النَّار والعياذ بالله؛ لأنه
لَيس عِندَه دِينٌ؛ لأنه إذا ضَيَّع الصَّلاة لم يبق عنده دِين.
كما جاء في الحَديثِ، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ عز وجل، وَمَنْ ضَيَّعَهَا لَمَ يكُنَ عِنْدهْ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ، وَحُشِرَ مَعَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ» ([2])؛ فالذي يَترُك الصَّلاةَ يُحشَرُ مَع هؤلاءِ الكَفَرةِ، فدَلَّ على أنَّ تركَ الصَّلاةِ كُفرٌ مُخرجٌ من المِلَّة، قالوا: وَوجهُ أنَّه يُحشر مع هؤلاءِ؛ لأنَّهُ إن اشْتَغلَ عنِ الصَّلاةِ بِمُلكه وسُلطَانه حُشر مع فرعونَ رَئيسِ المُلوكِ الكَفرةِ، وإن تركها لوَزَارتِه حُشر مع هامانَ وَزيرِ فِرعونَ، وإن تركها لِمالِه حُشر مع قارونَ الذي آتاهُ اللهُ من الكنوز: ﴿مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُۥ لَتَنُوٓأُ بِٱلۡعُصۡبَةِ أُوْلِي ٱلۡقُوَّةِ﴾ [القصص: 76]، وإن تركها لِبَيعِه وشرائه حُشرَ مع أبي بن خلف تَاجرِ الكُفَّار في مكة، والله جل وعلا يقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ﴾ [المنافقون: 9]، ويقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (864)، والترمذي رقم (413)، والنسائي رقم (466).