×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَأَدِّ زَكَاةَ المَالِ حَيًّا مُطَيَّبًا *** وَلاَ تَتْرُكَنْ لِلشَّامِتِينَ وَحُسَّدِ

وَيُشْرَعُ فِي قُرْبَاكَ مَنْ لَيْسَ وَارِثًا *** عَلَى قَدْرِ حَاجَاتٍ وَقُرْبٍ لِيُمْدَدِ

*****

فليكن إخراجُكَ للزَّكاةِ عن طِيبِ نَفسٍ لا كرهَ وتلَكُّأ فيهِ، بل يكونُ ذلك منك عن طِيب نَفسٍ وانقيادٍ، أما إن كان إخراجُك لها مع الكَراهَة، ومع المَنِّ فإن هذا يُبطل الصَّدقَة، قال تعالى: ﴿وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ [التوبة: 71]، فأنتَ ليس لك فَضلٌ على هذا المُحتاجِ، بل هذا فَضلٌ من اللهِ عليك، أنَّه رَزقَك وجعَلَك تتَصَدَّق، وتنفعُ المُحتاجين، فهذا فضلٌ من اللهِ عليكَ، ثم هي ليست تبَرُّعًا تتبرَّعُ به إن شئتَ فَعلتَهُ، وإن شئت لم تَفعَلْه، بل هي فرضٌ عليكَ وركنٌ من أركان الإسلام.

ما دمت حيًّا تصدَّقْ وأخْرِجِ الواجباتِ قَبل أن تَموتَ، ويَكونُ مالُك لِغيرِك ممن قد يكون شامتًا لك، ومبغضًا لك في حَياتِك.

فالمالُ لا يَستقِرُّ لأحدٍ، وإنما هو يَنتَقلُ مِن يَدٍ إلى يَدٍ، من وارثٍ إلى مُوَرِّثٍ، وقد ينتَقِلُ إلى من يُبغِضُونك، ويَشمَتونَ بكَ، ويَدعُونَ عليكَ، وهُم أعْداؤكَ، فما دُمتَ على قَيدِ الحَياةِ فبادِرْ بالإنفاقِ، وقدِّمْ لِنفسِكَ، ولا تؤخِّرِ المالَ لمَنْ لا يَحمَدُك.

أَولَى من تُعطِي الزَّكاةَ أقارِبُكَ المُحتاجينَ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة: «أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ» ([1])، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «الصَّدَقَة عَلَى القريب الْفَقِيرِ الْمُحْتَاجِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» ([2])، ففيها أجرانِ، أجْرُ الصَّدَقَة وأجْرُ الصِّلَة، ولكِنْ أَعطِها الأقارِبَ الذينَ لا تَجبُ نَفقَتُهم عليكَ من ذَوي


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (1461)، ومسلم رقم (998).

([2] أخرجه: الترمذي رقم (658)، والنسائي رقم (2582)، وابن ماجه رقم (1844).