وَذَلِكَ
مَنْ بِالحَقِّ أَصْبَحَ عَالِمًا *** وَيَعْدِلُ فِي حُكْمِ القَضَايَا فَيَهْتَدِي
وَقَاضٍ
بِحُكْمِ الحَقِّ أَصْبَحَ عَالِمًا *** وَلَكِنَّهُ فِيهِ يَجُورُ
وَيَعْتَدِي
وَآَخَرُ
يَقْضِي جَاهِلاً فَكِلاَهُمَا *** لَهُ النَّارُ فِي نَصِّ الحَدِيثِ المُسَدَّدِ
وَكُلُّ
جَهُولٍ بِالقَضَاءِ فَإِنَّهُ *** حَرَامٌ عَلَيْهِ فَلْيَحْذَرْ وَيُوعَدِ
*****
والثَّالثُ: من قضى
بِجهلٍ، فهذا في النَّار؛ لأنَّه حكم بِجهلٍ ولا يصلحُ أن يتولى القضاء. فهذا فيه
بيان أهَمِّيَّة القَضاءِ وأنَّه مَنصبٌ عظيمٌ، وأن فيه الأجر لِمنْ قامَ به على
الوجه المَطلوبِ بحسب الإمكان، وفيه الإثْمُ العَظيمُ لمن فَرَّطَ فيه أو ضَيَّعَ.
وهو الذي عرف
الحَقَّ وحَكَمَ به. «فَيَهْتَدِي»؛ لهذين الشَّرطينِ، أن يكون عالمًا بالحق، وأن
يحكُمَ به، فيكون من أهل الجَنَّة.
هذا الثَّاني الذي
في النَّار، الذي عرف الحقَّ وجارَ، حكم بخلافهِ فجارَ وظلَمَ، قال تعالى: ﴿يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا
جَعَلۡنَٰكَ خَلِيفَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا
تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ
عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدُۢ بِمَا نَسُواْ يَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ﴾ [ص: 26]، هذه
وصِيَّةُ الله لداودَ عليه السلام، وهي وصِيَّة لغَيرِه من القضاة.
هذا هو الثَّالثُ،
وهو الذي يَقضِي بِجهلٍ وغير علم، وهذا يَنطبِقُ على كل من حكمَ بين الناس بِجهلٍ،
كرؤساء القَبائِل، الذين يُسمونَهم العَوارف.
الجاهلُ يَحذر من
الدُّخولِ في القضاء؛ لأنه مُتوعَّدٌ بالنَّار، وربَّما يُضَيِّعُ الحُقوقَ على
النَّاس، ويقيمُ الجَورَ بين الناس.