كذَا بيعُ
مَأْمُورٍ بسَعْيٍ لجُمْعَةٍ *** إِذَا أَذَّنَ الثَّاني وعَنْهُ الَّذِي ابْتَدِي
*****
عاشرًا: يحرُم البيعُ بعدَ
النِّداءِ الثَّاني للجمعة لمَن تجبُ عليه؛ لقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن
يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلۡبَيۡعَۚ﴾ [الجمعة: 9]
اُتْرُكوا البيع ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ
فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلۡبَيۡعَۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ
إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٩ فَإِذَا
قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ
ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ﴾ [الجمعة: 9- 10]
البيعُ طيِّبٌ أَذِنَ اللهُ فيه، وأَحلَّ اللهُ البيعَ، وهو مِهْنةٌ شريفةٌ، لكنْ
إِذَا كان سببًا في تركِ صلاة الجمعة فإِنَّه يحرُم، وهذا يبدأُ مِن الأَذانِ
الثَّاني الذي هو عند دخول الخطيب، فيحرُم عليه حينئِذٍ أَنْ يبيعَ ويشتريَ؛ وكذلك
إِذَا ضاقَ الوقتُ بحيث ما يبقى له مِن الوقت إلاَّ قَدْرَ ما يُوصِلُه إِلَى
المسجد إِنْ كان بعيدًا، فإِنْ باعَ فالبيعُ باطلٌ ويُؤَدَّبُ لأَنَّه مخالفٌ
لقوله تعالى: ﴿وَذَرُواْ
ٱلۡبَيۡعَۚ﴾ يعني اتْركوا البيعَ، أَمَّا الذي لا يجب عليه صلاةُ
الجمعة كالمُسافرِ والمَرْأَةِ فهذا لا بَأْسَ بأَنْ يبيعَ، لكنْ لا يفتح محلًّا
ويتظاهرُ بالبيع في السُّوق.
ولمَّا كان في
عَهْدِ عُثْمَانَ رضي الله عنه الخليفةِ الثَّالثِ مِن الخُلفاءِ الرَّاشدين وكثُر
النَّاسُ في المَدِيْنَةِ وتوسَّعتِ الأَسْواقُ والمزارعُ، وامْتدَّتِ
المَدِيْنَةُ، ورَأَى عُثْمَانُ رضي الله عنه تَأَخُّرَهم عن حُضورِ الجمعة،
أَمَرَ بالأَذانِ الأَوَّلِ مِن أَجْلِ أَنْ يُنبِّهَ النَّاسَ للاسْتِعداد لصلاةِ
الجمعة، ومِن أَجْلِ أَنْ يقفلوا محلاَّتِهم ويتوجَّهوا إِلَى صلاة الجمعة، فكان
هذا مِن سُنَّةِ الخُلَفاءِ