وإِلى جانب هذه
العباداتِ الواجبةِ عباداتٌ مستحبَّةٌ: مثل نوافل الصلوات، ونوافل الصَّدقات،
ونوافل الصَّيام، ونوافل الحجِّ والعمرة؛ وهذا ما يدلُّ على أَن حياة المسلم
كلُّها عبادة إِما واجبةٌ وإِما مستحبَّةٌ، فالذي يظنُّ أَن العبادةَ مطلوبةٌ منه
في شهر رمضانَ، وبعده يُعْفى مِن العبادة؛ قد ظنَّ سوءًا، وجَهِلَ حقَّ الله عليه،
ولم يعرفْ دِينَه، بل لم يعرفِ اللهَ حقَّ معرفتِه، ولم يقْدُرْه حقَّ قدْرِه؛ حيث
لم يطعْه إِلا في رمضانَ، ولم يخف منه إِلا في رمضانَ، ولم يرجُ ثوابه إِلا في
رمضانَ؛ إِن هذا الإِنسانَ مقطوعُ الصِّلة بالله، مع أَنه لا غِنى له عنه طرْفةَ
عينٍ.
والعمل - مهْما كان
- إِذا كان مقصورًا على شهر رمضانَ، هو عملٌ مردودٌ على صاحبِه مهما أَتعب نفسه
فيه؛ لأَنه عملٌ مبتورٌ لا أَصل له ولا فرع، وإِنما ينتفع برمضانَ أَهلُ الإِيمان
الذي هم على الاستقامةِ في كلِّ الزمان، يعلمون أَن ربَّ الشهور واحدٌ، وهو في
كلِّ الشهور مُطَّلعٌ على أَعمال عباده وشاهدٌ.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وآله وصحبه أَجمعين.
****
الصفحة 4 / 112