ورُوي عن الصحابة في
التراويح أَنواعٌ، واختلف العلماء في المختار منها مع تجويزهم لفعل الجميع، فاختار
الشَّافِعيُّ وأَحمدُ عشرين ركعة، مع أَن أَحمد نصَّ على أَنه لا بأْس بالزيادة،
وقال: «رُوي في ذلك أَلوانٌ، ولم يُقْضَ فيه بشيءٍ». وقال عبدُ اللهِ بنُ أَحمدَ:
«رأَيت أَبي يصلِّي في رمضانَ ما لا يُحصى من التراويح».
واختار مَالِكٌ
ستًّا وثلاثين ركعةً، وحكى التِّرمذِي عن بعض العلماء اختيارَ إِحدى وأَربعين ركعة
مع الوتر، قال: وهو قول أَهل المدينةِ، والعمل على هذا عندهم بالمدينة. وقال
إِسحَاقُ بنُ إِبرَاهِيم: «نختار إِحدى وأَربعين ركعة على ما رُوي عن أُبيِّ بنِ
كَعبٍ».
قال الشيخ تقيُّ
الدِّين: «والتراويح إِن صلاها كمذهبِ أَبي حنيفةَ والشافعيِّ وأَحمدَ عشرينَ
ركعة، أَو كمذهب مَالكٍ ستًّا وثلاثين أَو ثلاثةَ عشرَة، أَو إِحدى عشرَة فقد
أَحسن، كما نص عليه أَحمدُ لعدم التَّوقيتِ، فيكون تكثيرُ الرَّكعاتِ وتقليلُها
بحسَب طولِ القيامِ وقِصَرِه».
وقد تقدَّم قولُ
عائشةَ: «مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ،
وَلاَ فِي غَيْرِهِ، عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» ([1]). وقولها: «كَانَ
إِذَا دَخَلَ العَشْر أَحْيَا لَيْلَه» ([2]).
وفي «الموَطَّإِ» عن السَّائبِ بنِ يَزِيدٍ قال: «أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يَقُومَا، لِلنَّاسِ، بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ الْمِائَتَيْنِ حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ،
([1])أخرجه : البخاري رقم (1147)، ومسلم رقم (837).