وكان
لا يسأله أحد شيئًا عنده إلا أعطاه، قليلاً كان أو كثيرًا، وكان سروره وفرحه بما
يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما أخذه.
****
قال صلى الله عليه
وسلم: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا،
فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» ([1]).
فقوله: «وَلَوْ
بِشِقِّ تَمْرَةٍ» أي: بنصف تمرة.
فلا يحتقر الصدقة إن
كانت قليلة، ولا يستكثرها إذا كانت كثيرة؛ لأنها في سبيل الله، وفي وجوه الخير.
ولما طلب صلى الله
عليه وسلم من أصحابه أن يتصدقوا لحاجة حدثت، جاء رجل بمال قليل؛ جاء بصاع من
الطعام، فقال المنافقون: إن الله غني عن صاع هذا. وجاء رجل بمال كثير، فقال
المنافقون: هذا رياء. فأنزل الله قوله تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ يَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِينَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فِي
ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَيَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ
سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [التوبة: 79] ([2]).
كان لا يرد السائل،
فإن كان -كما سبق- يعرف حاجته، أعطاه، وإن كان لا يعرف حاجته، فإنه يعظه، ويبين
له، لكنه يعطيه ما سأل، ولو كان الثوب الذي عليه يعطيه للسائل، ولو أنه بحاجة
إليه.
كان صلى الله عليه وسلم يفرح بما يعطي؛ احتسابًا لوجه الله سبحانه وتعالى، بخلاف الذي يعطي وهو غضبان، أو كاره بما يعطي، ويتمنن على السائل،
([1])أخرجه: البخاري رقم (6023)، ومسلم رقم (1016).