وقال:
«لَعَلِّي لاَ أَحُجُّ بَعْدَ عَامِي هَذَا» ([1]).
****
كذلك فيه رد على
المترخصة، الذين يتبعون الرخص والأقوال، وليست الرخص الشرعية، وإنما الرخص عندهم
هي أقوال الناس، يعتبرونها رخصًا، ويأخذون بأقوال الناس، ويقولون: «افعل ولا حرج
في كل شيء».
والله تعالى قال: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ
وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ﴾ [البقرة: 196].
فقوله: ﴿وَأَتِمُّواْ﴾ الإتمام هو الإتيان
بمناسك الحج والعمرة على وفق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقوله: ﴿لِلَّهِۚ﴾ أي: خالصة لله
سبحانه وتعالى، ليس فيها رياء ولا سمعة؛ فلا يتدخل أحد في أمور الحج، ويتصرف فيها،
ويفتي الناس بأشياء لم يفعلها الرسول، ولا رخص فيها الرسول صلى الله عليه وسلم،
ويقول: إن هذا من باب التيسير ورفع الحرج، هل الحرج من عندك؟!! الحرج مما شرعه
الله سبحانه وتعالى ؟ !! الشريعة كلها -ولله الحمد- ليس فيها حرج؛ قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ
فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ﴾ [الحج: 78].
وليس رفع الحرج بأن
تفتي الناس بأقوال الفقهاء، وإن خالفت الدليل، أو تفتيهم بما تراه أنت، لا يجوز
هذا.
ومن هنا سميت هذه الحجة بحجة الوداع، لأنه صلى الله عليه وسلم ودع الناس، ولم يعش بعدها إلا شهرين وبضعة أيام، حتى قبضه الله سبحانه وتعالى إلى جواره صلى الله عليه وسلم، بعد ما أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة، وترك أمته على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
([1])أخرجه: مسلم رقم (1297).