وأما الحج، فقد تأخر
فرضه إلى السنة العاشرة من الهجرة.
قيل: إنه فرض في
السنة التاسعة، ولكن نظرًا لكون المسجد الحرام لم يخلُ من المشركين ومن أهل
الجاهلية، الذين يطوفون بالبيت عراة، تأخر النبي صلى الله عليه وسلم هذه السنة،
وأرسل أبا بكر رضي الله عنه يحج بالناس.
وأنزل الله جل وعلا
قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ فَلَا يَقۡرَبُواْ
ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ بَعۡدَ عَامِهِمۡ هَٰذَاۚ﴾ [التوبة: 28]،
فأرسل بذلك عليًّا رضي الله عنه ينادي: «أَلاَّ يَحُجُّ بَعْدَ هَذَا العَامِ
مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» ([1]). فلما تطهر البيت
من هاتين الجريمتين -الشرك، والعري-، حج رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة
العاشرة من الهجرة، وحج معه خلقٌ كثير؛ كما سيأتي.
وبيَّن الرسول صلى
الله عليه وسلم أن الحج مرة واحدة في العمر، وما زاد، فهو تطوع؛ تخفيفًا على الناس
([2]).
وأيضًا على
المستطيع؛ قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ
عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ﴾ [آل عمران: 97].
فالحج مرة واحدة على المستطيع، المستطيع: الذي يقدر على نفقات ومئونة الحج، وأما الذي لا يقدر على مئونة الحج، فإنه لا يجب عليه الحج، فهذا تخفيف من الله سبحانه وتعالى على عباده.