في الدنيا ومن لمْ يكُن، والوِلْدَان الذين يطوفون على أهلِ
الجنة خَلْقٌ من خَلْقِ الجنةِ ليسوا من أبناءِ الدنيا، بل أبناءُ أهلِ الدنيا إذا
دخلوا الجنةَ كَمُلَ خَلْقُهم كأهلِ الجنةِ على صورةِ آدم، أبناء ثلاث وثلاثين في
طُولِ ستين ذراعًا، وقد رُويَ أنَّ العَرْضَ سبعة أذرع ([1])، واللهُ أعلم.
ثم قال الشيخُ رحمه الله في جوابٍ آخر: ومن قال: إنَّ الصغيرَ
يُسألُ في القبرِ استدَلَّ بما في «الموطأ» عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى
الله عليه وسلم صلَّى على صغيرٍ لم يعملْ خَطيئة قط فقال: «اللَّهُمَّ قِهِ عَذَابَ الْقَبْرِ وَفِتْنَةَ الْقَبْرِ» ([2])، وهذا يدُلُّ على أنه يُفتَن، وأيضًا فهذا مَبْنِيٌّ على
أنَّ أطفالَ الكفارِ الذين لم يُكلَّفوا في الدنيا يُكلَّفون في الآخرة؛ كما
ورَدَت بذلك أحاديثُ متعددة، وهو القول الذي حكاه أبو الحسن الأشعري عن أهل
السُّنة والجماعة؛ فإن النصوص عن الأئمة كالإمام أحمد وغيره: الوَقْف في أطفال
المشركين، كما ثبت في «الصَّحيِحين» عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه سُئل عنهم
فقال: «اللهُ أًعْلَمُ بِمَا كَانُوا
عَامِلِينَ» ([3]).
وثبتَ في «صحيحِ البخاري» من حديثِ سَمُرَة: أنَّ منهم من
يَدخُلُ الجنة ([4]).
وثبتَ في «صحيح مسلم»: «أَنَّ الْغُلاَمَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرَ طُبِعَ يَوْمَ طَبِعَ كَافِرًا» ([5])؛ فإنْ كان الأطفالُ وغيرُهم فيهم شقيٌّ وسعيد، إذا كان ذلك لامتحانِهم في الدُّنيا لمْ يمنعْ امتحانَهم في القُبُور، لكن هذا مبنيٌّ
الصفحة 4 / 458