في فضلِه، وزادَ فيه بعضُ
الكذابين: إنه أخذها أبو بكر وعمر فهربا، وفي الصَّحيِح: أن عمر قال: ما أحببتُ
الإمارةَ إلاَّ يومئذ، فهذا الحديثُ ردٌّ على الناصبةِ الواقعين في علي، وليس هذا
من خصائصِه، بل كلُّ مؤمنٍ كاملُ الإيمانِ يُحِبُّ اللهَ ورسولَه، ويُحِبُّه اللهُ
ورسولُه قال تعالى: {فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ
يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ﴾[المائدة: 54] وهم الذين قاتلوا أهل
الردة وإمامهم أبو بكر، وفي الصَّحيِح أنه سألَه: «أيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟» قال: «عائشة»، قال: فمن الرجال: قال: «أَبُوهَا»
([1])، وهذا من خصائصِه.
وأما قولُه: «أَمَا
تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» ([2])؛ قالَه في غزوةِ تبوك لمَّا استخلفَه على المدينة فقيل:
استخلفَه لبُغضِه إياه؛ وكان النَّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا غزا استخلف رجلاً من
أمتِه، وكان بالمدينة رجال من المؤمنين القادرين، وفي غزوة تبوك لم يأذنْ لأحد
بالقعود فلم يتخلفْ أحدٌ إلاَّ لعُذر أو عَاص، فكان ذلك الاستخلافُ ضعيفًا فطعن به
المنافقون بهذا السبب، فبيَّن له أني لم أستخلفْك لنقصٍ عندي؛ فإنَّ موسى استخلفَ
هارونَ وهو شريكُه في الرسالة؛ أفما ترضى بذلك؟ ومعلومٌ أنه استخلفَ غيرَه قبلَه
وكانوا منه بهذه المنزلةِ فلم يكُن هذا من خصائصِه، ولو كان هذا الاستخلافُ أفضلَ
من غيرِه لم يخْفِ علىٍّ علي ولحقه يبكي.
ومما يُبيِّنُ ذلك أنه بعد ذلك أمَّرَ عليه أبا بكر سنة تسع، وكونه بعثَه
([1])أخرجه: البخاري رقم (3462)، ومسلم رقم (2384).