إنما هي بنتائجها وعواقبها
لا بصورها.
وقال رحمه الله الخلفاءُ الراشدون الأربعةُ ابتُلوا بمعاداةِ
بعضِ المُنتسبين إلى الإسلامِ من أهلِ القبلةِ ولعنِهم وبُغضِهم وتكفيرِهم فأبو
بكر وعمر أبغضَتْهما الرافضةُ ولعنَتَهما دونَ غيرِهم من الطوائف، ولهذا قيل
للإمامِ أحمدَ من الرافضي؛ إنَّهم رفضُوا زيدَ بن علي لما تولَّى الخليفتين أبا
بكر وعمر لبُغضِهم لهما، فالمُبغِضُ لهما هو الرافضي.
ولهذا قال بعضُ السلف: حُبُّ أبي بكرٍ وعمرَ إيمانٌ وبُغضُهما نفاق، وقال عبدُ اللهِ
بن مسعود: حُبُّ أبي بكرٍ وعمر ومعرِفةُ فضلِهما من السُّنة ([1])؛ أي: من شريعةِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم التي أمَرَ
بها، فإنه قال: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ
مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» ([2])، ولهذا كان معرفةُ فضلِهما على من بعدهما واجبًا لا
يجوزُ التوقفُ فيه، بخلافِ عثمانَ وعلي ففي جوازِ التوقفِ فيهما قولان.
وكذلك هل يسوغُ الاجتهادُ في تفضيلِ عليٍّ على عثمان؟ فيه
روايتان:
إحداهما: لا يسوغ ذلك،
فمن فضَّل عليًا على عثمانَ خرجَ من السُّنة على البِدعةِ لمخالفتِه لإجماعِ
الصَّحابَة، ولهذا قيل من قدَّم عليًا على عثمانَ فقد أزْرَى بالمُهاجِرين
والأنصار، يُروَى ذلك عن غيرِ واحد، منهم أيوب السختياني وأحمدُ بنُ حنبل
والدارقطني.
والثانية: لا يُبدَّعُ مَن قدَّم عليًا على عثمان، لتقارُبِ حالِ عثمانَ وعلي، إذ السُّنةُ هي الشريعة، وهي ما شرَع اللهُ ورسولُه من الدِّين، وهو ما أمَر بِه
([1])أخرجه: ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» رقم (2330).