×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 فإذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: «والله ما على وجه الأرض أحد أحب إليَّ من ألقى الله بعمله من هذا الميت، والله إني لأرجو أن يحشرك الله مع صاحبيك، فإني كثيرًا ما كنت أسمع النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ,وَذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» ([1]).

إلى أن قال الشيخ رحمه الله: فلما توفي رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم واستخلف أبا بكر جعل الله تعالى فيه من الشدة ما لم يكن فيه قبل ذلك، حقًّا فاق عمر في ذلك، حتى قاتل أهل الردة بعد أن جهز جيش أسامة، وكان ذلك تكميلاً له لكمال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم الذي صار خليفة له.

ولما استخلف عمر جعل الله فيه من الرحمة والرأفة ما لم يكن فيه قبل ذلك تكميلاً له حق صار أمير المؤمنين؛ لهذا استعمل هذا خالدًا وهذا أبا عبيدة، وكان يزيد بن أبي سُفيَان على الشام إلى أن ولي عمر فمات يزيد بن أبي سُفيَان فاستعمل عمر مُعَاوِية مكان أخيه يزيد بن أبي سُفيَان وبقي مُعَاوِية على ولايته تمام خلافته، وعمر ورعيته تشكره وتشكر سيرته وتواليه وتحبه؛ لما رأوا منه من حلمه وعدله، حتى إنه لم يشتك منهم مشتك ولا تظلم منهم متظلم.

وقد شهد مُعَاوِية وأخوه يزيد وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام وغيرهم من مسلمة الفتح مع النَّبيّ صلى الله عليه وسلم غزوة حنين، وذكروا في قوله تعالى: {ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ[التوبة: 26]، وكانوا من المؤمنين الذين أنزل الله سكينته عليهم مع النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وغزوة الطائف


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3482)، ومسلم رقم (2389).