مثلاً، أو صفةٌ من صفاتِ
البدنِ والحياة، كما يقولُه طوائفُ من أهلِ الكلام، بل نتيقَّنُ أنَّ الرُّوحَ
عينٌ موجودةٌ غير البدن، وأنها ليستْ مماثلةٌ له وهي موصوفةٌ بما نطقَتْ به
النصوصُ حقيقةً لا مجازًا، فإذا كان مذهبُنا في حقيقةِ الروحِ وصفاتِها بين المعطِّلةِ
والمُمَثِّلة، فكيفَ الظنُّ بصفاتِ ربِّ العالَمين؟
ويُواصلُ الشيخُ رحمه الله بيانَه لأقسامِ الناسِ في صفاتِ
الربِّ سبحانه وتعالى فيقول: وأمَّا القسمان اللذان ينفيان ظاهرَها: أعني
الذين يقولون: ليس لها في الباطنِ مدلولٌ قط هو صفةٌ للهِ تعالى، وأنَّ اللهَ لا
صِفةَ له ثُبُوتِيَّةٌ بل صفاتُه إما سلبيةٌ وإما إضافيةٌ وإما مركَّبةٌ منهما، أو
يُثبتون بعضَ الصِّفات، وهي الصفاتُ السبعةُ أو الثمانيةُ أو الخمسة عشر، أو
يثبتون الأحوالَ دونَ الصفاتِ ويُقِرُّون من الصِّفاتِ الخبريةِ بما في القرآنِ
دونَ الحديثِ على ما قد عُرِف من مذاهبِ المتكلمين فهؤلاء قسمان:
قسم: يتأولونها
يعينون المراد مثل قولهم: استوى بمعنى استولى، أو بمعنى علو المكانة والقدر، أو
بمعنى ظهور نوره للعرش، أو بمعنى انتهاء الخلق إليه، أو غير ذلك من معاني
المتكلمين.
وقسم يقولون: إن
الله أعلم بما أراد بها، لكنا نعلم أنه لم يرد إثبات صفة خارجية.
وأما القسمان الواقفان: فقومٌ يقولون: يجوزُ أن يكونَ ظاهرُها المرادَ اللائقَ بجلالِ اللهِ، ويجوزُ أنْ لا يكونَ المرادُ صفةَ اللهِ ونحو ذلك، وهذه طريقةُ كثيرٍ من الفقهاءِ وغيرِهم، وقوم يُمسِكون عن هذا الكلامِ كلِّه، ولا يَزيدون على تلاوةِ القرآنِ وقراءةِ الحديثِ معرضين بقلوبِهم وألسنتِهم عن هذه التقديرات.