التاسع: أنه لو ثبَتَ أنه من اللغةِ العربيةِ لمْ يجِبْ أن
يكونَ من لغةِ العربِ العَرْباء، ولو كان ممن لفِظَ بعضُ العربِ لم يجبْ أن يكونَ
من لغةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ولو كان من لغتِه لكان بالمعنى المعروفِ في
الكتابِ والسُّنة.
العاشر: أنه لو حَمَل
هذا المعنى لأدَّى إلى محْذورٍ يجِبُ تنزيهُ بعضِ الأئمةِ عنه فضلاً عن اللهِ
ورسولِه، فلو كان الكلامُ في الكتابِ والسُّنةِ كلامًا نفهمُ منه معنى ويريدون به
آخر، لكان في ذلك تدليس وتلْبيس، ومعاذَ اللهِ أن يكونَ ذلك فيجِبُ أن يكونَ استعمالُ
هذا الشاعرِ في هذا اللفظِ في هذا المعنى ليس حقيقةً بالاتفاقِ بل حقيقةً في
غيرِه.
الحادي عشر: أنَّ هذا
اللفظَ «يعنى لفظ: استوى»، الذي تكرَّر في الكتابِ والسُّنَّةِ والدَّواعي متوفرةٌ
على فهْمِ معناه من الخاصَّةِ والعامةِ عادة ودينًا، أن جعلَ الطريقَ إلى فهمِه
بيتَ شِعرٍ أحدث فيُؤدِّي إلى محذورٍ فلو حُمِل على معنى البيتِ لَلَزِمَ تخْطِئةُ
الأئِمةُ الذين لهم مصنفاتٌ في الرَّدِّ على من تأوَّل ذلك، ولكان يُؤدى إلى
الكذِبِ على اللهِ ورسولِه صلى الله عليه وسلم والصحابةِ والأئمة، وللَزِم أنَّ
اللهَ امتحن عبادَه بفهْمِ هذا دونَ هذا.
والثاني عشر: الاستواءُ معلومٌ علمًا ظاهرًا بين الصحابةِ والتابعين وتابعيهم فيكونُ التفسيرُ المحدثُ بعدَه باطلاً قطعًا، وهذا قولُ يزيدَ بنِ هارونَ الوَاسِطي، فأنه قال: من قال: {ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ﴾[طه: 5]، خلاف ما تقرَّر في نفوسِ العامَّةِ فهو جَهْمي، ومنه قولُ مالك: «الاستواءُ معلومٌ» وليس المرادُ أنَّ هذا اللفظُ في القرآنِ معلومٌ كما قالَ بعضُ الناس، والسؤالُ عن معنى الاستواءِ والنزول ليس بدعةً فقد تكلَّم فيه الصحابةُ والتابعون وإنما البدعةُ السؤالُ عن الكيفية.
الصفحة 4 / 458