مُقبِلاً عليه، فإذا انصَرَف صَرَف
وَجهَه عنه» ([1])، ويقول: إنَّ الآيَةَ تدُلُّ على المعنَيَيْن؛ فهذا شيءٌ
آخَرُ ليس هذا مَوضِعَه.
والغَرَض: أنّه إذا
قيل: فثَمَّ قِبلَةُ الله لم يَكُن هذا من التَّأوِيل المُتَنازَع فيه الذي
يُنكِره مُنكِرو تَأويلِ آيَاتِ الصِّفاتِ، ولا هو مما يَستَدِلُّ به عليهم
المُثبِتة؛ فإنَّ هذا المعنى صَحيحٌ في نَفسِه والآيَةُ دالَّةٌ عليه، وإن كَانت
دالَّةً على ثُبوتَ صِفَةٍ فَذاكَ شيءٌ آخَرُ.
***
أمر الله غير مَخلُوق
إنَّ الله تعالى لمَّا أخبر بقوله: {إِنَّمَآ أَمۡرُهُۥٓ إِذَآ أَرَادَ
شَيًۡٔا أَن يَقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ﴾[يس: 82] وقال:
{أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ﴾[الأعراف: 54]، واستدل
طَوائِفُ مِن السَّلَف على أنَّ الأمر غَيرُ مَخلُوق بل هو كَلامُه وصِفَةٌ من
صِفَاتِه بهَذِه الآيَةِ وغَيرِها، صار كَثيرٌ من النَّاس يَطرُد ذلك في لَفظِ
الأَمرِ حيثُ وَرَد؛ فيَجعَلُه صِفةً طَرْدًا للأدلَّة، ويَجعَلُ دَلالَتَه على
غَيرِ الصِّفَة نَقضًا لِهَذا، وليس الأَمرُ كَذلِكَ.
فبيَّنتُ في بَعضِ رَسائِلي أنَّ الأَمرَ وغَيرَه من الصِّفاتِ يُطلَق على الصِّفة تارةً وعلى مُتعَلَّقِها أُخرى؛ فالرَّحمَة صِفَة لله، ويُسمَّى ما خَلَق رحمَةً، والقُدرَة مِن صِفاتِ الله ويُسمَّى المَقدُور قُدرةً ويُسمَّى تَعلُّقُها بالمَقدُور قُدرةً، والخَلْق مِن صِفاتِ الله تعالى ويُسمَّى خَلْقًا، والعِلْم من صِفاتِ الله ويُسمَّى المَعلُوم أو المُتعَلَّق عِلْمًا، فتارةً يُراد الصِّفة، وتارة يُراد نَفْسَ التَّعَلُّق.
الصفحة 1 / 458