ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ٢لَمۡ
يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ٣وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ ٤﴾[الإخلاص: 1-
4]؛ فيُثبِت الصِّفات وينفي مُماثَلَة المَخلُوقات.
ولمَّا كانت طريقة السَّلَف أنْ يَصِف الله بما وَصَف به
نَفْسَه، وبما وصفه به رَسولُه من غَيرِ تحريفٍ ولا تعطيلٍ، ومن غير تكييفٍ ولا
تمثيلٍ، ومُخالِفو الرُّسُل يصفونه بالأُمورِ السَّلْبية؛ ليس كذا، ليس كذا، فإذا
قيل لهم: فأَثْبِتوه، قالوا: هو وُجودٌ مُطلَق أو ذاتٌ بلا صفات، وقد عُلِم بصريح
المعقول أنَّ المطلق بشَرْط الإطلاق لا يُوجَد إلاَّ في الأذهان لا في الأعيان،
وأنَّ المُطلَق لا بشرطٍ لا يُوجَد في الخارج مطلقًا لا يُوجَد إلاَّ معيَّنًا،
ولا يكون للرَّبِّ عِندَهم حقيقةٌ مُغايِرة للمَخلُوقات، بل إمَّا أن يُعطِّلوه أو
يَجعَلوه وُجودَ المَخلُوقات أو جُزْأَها أو وَصْفَها، والألفاظ المُجمَلة
يَكُفُّون عن معناها.
ثم بين الشيخ رحمه الله موقِفَ أهلِ السُّنَّة من مَقالاتِ هَؤُلاءِ، فقال: فإذا قال قومٌ: إنَّ الله في جِهَة أو حيِّز، وقال قوم: إنَّ الله ليس في جِهَة ولا في حيِّز، استَفهَموا كلَّ واحدٍ من القائِلِين عن مُرادِه؛ فإنَّ لَفْظَ الجِهَة والحيِّز فيه إجمال واشتِرَاك، فيقولون: ما ثَمَّ موجودٌ إلاَّ الخالِقُ والمَخلُوق، والله تعالى منزَّه بائِنٌ عن مَخلُوقاته؛ فإنَّه سُبحانَه خَلَق مَخلُوقاتِه بائِنَةً عنه متميِّزَةً عنه خارِجَةً عن ذاته، ليس في مَخلُوقاتِه شيء في ذاته، ولا في ذاته شيء من مَخلُوقاته، ولو لم يكن مبايِنًا لكان إما مُداخِلاً لها أو حالًّا فيها أو مَحِلًّا لها، والله تعالى منزَّه عن ذلك، وإمَّا ألاَّ يكون مبايِنًا لها ولا مُداخِلاً لها فيكون معدومًا، والله تعالى منزَّه عن ذلك.
الصفحة 4 / 458