×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 أَفَلَا تَذَكَّرُونَ[النحل: 17]، وقد بيَّن أن الخَلْق صِفَةُ كمال، وأنَّ الذي يَخلُق أفضلُ من الذي لا يَخلُق وأنَّ مَن عَدَل هذا بهذا فقد ظَلَم.

وقال تعالى: {ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا عَبۡدٗا مَّمۡلُوكٗا لَّا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَمَن رَّزَقۡنَٰهُ مِنَّا رِزۡقًا حَسَنٗا فَهُوَ يُنفِقُ مِنۡهُ سِرّٗا وَجَهۡرًاۖ هَلۡ يَسۡتَوُۥنَۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ[النحل: 75]؛ فبيَّن أنَّ كَونَه مملوكًا عاجزًا صِفةُ نَقصٍ، وأنَّ القدرة والمُلْك والإحسان صِفةُ كمالٍ، وأنَّه ليس هذا مثل هذا، وهذا لله وذاك لِمَا يُعبَد من دُونِه.

وقال تعالى: {وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلَيۡنِ أَحَدُهُمَآ أَبۡكَمُ لَا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوۡلَىٰهُ أَيۡنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأۡتِ بِخَيۡرٍ هَلۡ يَسۡتَوِي هُوَ وَمَن يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ[النحل: 76]، وهذا مَثَل آخَرُ؛ فالأول مَثَلُ العاجِزِ عن الكلام وعن الفعل، والآخَرُ المتكلِّم الآمِرُ بالعدل الذي هو على صراط مستقيم فهو عادل في أَمْرِه مستقيم في فِعْلِه؛ فبيَّن أنَّ التفضيل بالكلام المتضمِّن للعدل والعمل المستقيم؛ فإنَّ مجرَّد الكلام والعمل قد يكون محمودًا وقد يكون مذمومًا، فالمحمود هو الذي يستحِقُّ صاحِبُه الحَمدَ، فلا يستوي هذا والعاجزُ عن الكلام والفعل.

وقال تعالى: {ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ[الروم: 28]، يقول تعالى: إذا كنتم لا تَرْضَون بأنَّ المملوك يشارِكُ مَالِكَه لِمَا في ذلك من النقص والظلم؛ فكيف تَرْضَون ذلك لي وأنا أحقُّ بالكمال والغِنَى منكم؟! وهذا يبيِّن أنَّه تعالى أحقُّ بكلِّ كمال من كل أحدٍ.


الشرح