والقَولُ الثَّانِي وهو
المشهور عن أبي الحسن: أنَّ الأسماءَ ثَلاثَةُ أَقسامٍ:
- تارةً يكون الاسم هو المُسمَّى،
كاسم المَوجُود.
- وتارة يكون غَيرَ المُسمَّى، كاسم
الخَالِق.
- وتارة لا يكون هو ولا غَيرَه كاسم
العليم والقدير.
وهَؤُلاءِ الذين قالوا: إنَّ الاسم هو المُسمَّى لم يُريدُوا
بذلك أنَّ اللَّفظَ المؤلَّف من الحُروف هو نَفْسُ الشَّخص المُسمَّى به؛ فإنَّ هذا
لا يقوله عاقلٌ؛ ولهذا يُقال: لو كان الاسم هو المُسمَّى لكان مَن قال: نار؛
احتَرَق لِسانُه، ومن الناس مَن يظنُّ أنَّ هذا مرادُهُم ويُشنِّع عليهم، وهذا
غَلَط عليهم؛ بل هَؤُلاءِ يقولون: اللَّفظ هو التَّسمِية والاسم ليس هو اللَّفظ،
بل هو المراد باللَّفظ؛ فإنك إذا قلت: يا زيد، يا عمرو؛ فليس مُرادَك دُعاءَ
اللَّفظ، بل مُرادُك دعاءُ المُسمَّى باللَّفظ وذَكَرْتَ الاسم فصار المُراد
بالاسم هو المُسمَّى، وهذا لا ريب فيه إذا أُخبِرَ عن الأشياء فذُكِرت أسماؤُها
فقيل: {مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ﴾[الفتح: 29]، {وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّۧنَۗ﴾[الأحزاب: 40]، {وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا﴾[النساء: 164]،
فليس المُراد أنَّ هذا اللَّفظَ هو الرسولُ وهذا الذي كلمه الله.
وكَذلِكَ إذا قيل: جاء زيد، واشَهَدْ على عمرٍو، وفلانٌ عَدْل
ونحو ذلك؛ فإنَّما تُذْكَر الأسماء والمُراد بها المُسَمَّيات، وهذا هو مقصود
الكلام.
فلمَّا كانت أسماءُ الأشياء إذا ذُكِرت في الكَلامِ المُؤَلَّف
فإنَّما المقصود هو المُسمَّيات؛ قال هَؤُلاءِ: الاسم هو المُسمَّى، وجعلوا
اللَّفظ الذي هو الاسم عند الناس هو التَّسمِيَة، كما قال البغوي: