فلما
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خروجهم، استشار أصحابه،
*****
المشركين، ورفض
الرجوع، وقال أبو جهل: «وَاللهِ لاَ نَرْجِعُ حَتَّى نَرِدَ بَدْرًا -وَكَانَ
بَدْرٌ موسمًا من مواسم العرب، يجتمع لهم به سوق كل عامٍ- فنقيم عليه ثلاثًا،
فننحر الجزر، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا
وجمعنا، فلا يزالون يهابونَنَا أبدًا، فامضوا» ([1]).
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَكُونُواْ
كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بَطَرٗا وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ
بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ ٤٧ وَإِذۡ زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ
أَعۡمَٰلَهُمۡ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ ٱلۡيَوۡمَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَإِنِّي جَارٞ
لَّكُمۡۖ فَلَمَّا تَرَآءَتِ ٱلۡفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِ وَقَالَ
إِنِّي بَرِيٓءٞ مِّنكُمۡ إِنِّيٓ أَرَىٰ مَا لَا تَرَوۡنَ إِنِّيٓ أَخَافُ
ٱللَّهَۚ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ﴾ [الأنفال: 47- 48].
هذا قصدهم، فتوافوا
على بدر من غير ميعاد، قال تعالى: ﴿وَلَوۡ تَوَاعَدتُّمۡ لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡمِيعَٰدِ وَلَٰكِن
لِّيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرٗا كَانَ مَفۡعُولٗا لِّيَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَيِّنَةٖ وَيَحۡيَىٰ مَنۡ حَيَّ عَنۢ بَيِّنَةٖۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنفال: 42]،
وكان ما كان، وحصل النصر للمسلمين، والغنيمة للمسلمين، وقد حصل المسلمون من
الغنيمة أكثر من العير التي فاتتهم، ورجعوا بالنصر المظفر، وخاب المشركون، ورجعوا
مكسوري الاعتبار، مقتولاً صناديدهم وكبراؤهم.
لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج قريش من مكة؛ لنصرة عيرهم وحمايتها، وكان قد جاء يريد العير، ولم يكن يريد الغزو.
([1]) أخرجه: البيهقي في دلائل النبوة (3/33)، وانظر: سيرة ابن هشام (1/619)، وتاريخ الطبري (2/438)، والبدء والتاريخ (4/187)، والبداية النهاية (5/78).