وثبت عنه صلى
الله عليه وسلم أنه قال لأبي رافع وقد أرسلته قريش إليه، وأراد ألا يرجع، فقال:
«إِنِّي لاَ أَخِيسُ بِالْعَهْدِ وَلاَ أَحْبِسُ الْبُرُدَ، وَلَكِنِ ارْجِعْ
فَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِكَ الَّذِي فِي نَفْسِكَ الآْنَ فَارْجِعْ» ([1]).
وثبت عنه صلى
الله عليه وسلم أنه رَدَّ إِلَيْهِمْ أَبَا جَنْدَلٍ رضي الله عنه ([2]).
*****
قوله: «الْبُرُدَ»؛
أي: جمع بريد، أو الرسول.
الكفار في مكة
أرسلوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أبا رافع، أبو رافع أسلم، وأراد ألا يرجع
إليهم، الرسول صلى الله عليه وسلم رده إليهم؛ ليبلغهم الرسالة، فإن كان صادقًا في
إيمانه، فسيجعل الله له فرجًا ومخرجًا.
قوله: «لاَ أَخِيسُ
بِالْعَهْدِ»؛ أي: لا أنقض العهد، العهد أن الرسل لا تقتل، ولا يلجؤون في بلاد
المسلمين، حتى يبلغوا ما معهم إلى قومهم، ثم هم يتصرفون في أنفسهم، لا يلجئهم،
ويقطع الرسائل بينه وبين الكفار.
هذا من وفاء الرسول
صلى الله عليه وسلم، فرده إليهم.
كذلك في صلح الحديبية المعروف، الذي ساه الله فتحًا مبينًا للمسلمين، كان من بنود المعاهدة أن من جاء من الكفار مسلمًا، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يرده إليهم، ومن ذهب من المسلمين إلى الكفار، فلا يردونه، فشق ذلك على الصحابة، شق عليهم ذلك إلا أبا بكر رضي الله عنه؛ فإنه مطمئن بهذا.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (2578)، وأحمد (39/282)، والحاكم (3/691).