* والمسلمون
-أيضًا- تخلف منهم ناس، والمتخلفون على ثلاثة أقسام:
الصنف الأول: قسم تخلفوا، ثم
لحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، لم تسعهم الأرض بعد الرسول صلى الله عليه
وسلم، فخرجوا، ولحقوا بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ مثل: أبي خيثمة، وأبي ذر،
وجماعة، خرجوا ولحقوا بالرسول صلى الله عليه وسلم ([1]).
والصنف الثاني: تخلفوا لا عن نفاق،
ولكن تكاسلوا، حتى مضت المدة، ولم يلحقوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وهم الثلاثة
الذين خلفوا؛ كما في الآية، قال تعالى: ﴿وَعَلَى ٱلثَّلَٰثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰٓ إِذَا ضَاقَتۡ
عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ وَضَاقَتۡ عَلَيۡهِمۡ أَنفُسُهُمۡ
وَظَنُّوٓاْ أَن لَّا مَلۡجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلَّآ إِلَيۡهِ ثُمَّ تَابَ
عَلَيۡهِمۡ لِيَتُوبُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ﴾ [التوبة: 118]،
وتأتي قصتهم.
وأما القسم الثالث: فهم الذين ذكرناهم،
هم المنافقون، هؤلاء تخلفوا ليس عن عسر ولكن من باب النفاق، قال تعالى: ﴿فَرِحَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ
بِمَقۡعَدِهِمۡ خِلَٰفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوٓاْ أَن يُجَٰهِدُواْ
بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُواْ لَا تَنفِرُواْ فِي
ٱلۡحَرِّۗ﴾ [التوبة: 81]، قالوا لقومهم ومن يطيعهم: ﴿لَا تَنفِرُواْ فِي ٱلۡحَرِّۗ﴾.
قال الله جل وعلا: ﴿قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ
أَشَدُّ حَرّٗاۚ لَّوۡ كَانُواْ يَفۡقَهُونَ﴾ [التوبة: 81].
والثلاثة الذين خلفوا تأتي قصتهم، قصة عجيبة، قال تعالى:﴿وَعَلَى ٱلثَّلَٰثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ﴾ [التوبة: 118]، فقد ذكرها الله جل وعلا في القرآن، وتاب الله عليهم.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2769)، وانظر قصة أبي ذر رضي الله عنه في سيرة ابن هشام (2/523 - 524).