وقال
صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»
([1]).
وإِنَّ
بعضَ النَّاس في هذا الزَّمانِ يُحاولون تغييرَ العبادات عن وَضْعِها الشَّرعيِّ، ولذلك
أَمْثلةٌ كثيرةٌ؛ فمثلاً صدقةُ الفطر أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بإِخْراجها
من الطَّعام في البلد الذي يُوجَدُ فيه المسلمُ عند نِهاية شهرِ رَمَضَانَ؛ بأَنْ يُخْرِجَها
في مساكينَ ذلك البلدِ، وقد وجد من يُفْتِي بإِخْراج القِيْمة بدلاً مِن الطَّعام،
ومَن يُفْتي بدفعِ دَرَاهِمَ يشتري بها طعامٌ في بلدٍ آخَرَ بعيدٍ عن بلدِ الصَّائِمِ
وتوزع هناك، وهذا تَغْيِيْرٌ للعبادة عن وَضْعِها الشَّرْعيِّ؛ فصدقةُ الفِطْر لها
وقتٌ تُخْرَجُ فيه، وهو ليلةُ العِيْدِ أَوْ قَبْلَه بيومينِ فقط عند العلماءِ، ولها
مكانٌ تُخْرَجُ فيه، وهو البلدُ الذي يُوافي تمامَ الشَّهْر والمُسلمُ فيه، ولها أَهْلُ
تصرف فيهم، وهُمْ مساكينُ ذلك البلدِ، ولها نوعٌ تخرج منه، وهو الطَّعامُ؛ فلا بدَّ
مِن التَّقَيُّدِ بهذه الاعتباراتِ الشَّرْعيَّةِ، وإِلاَّ فإِنَّها لا تكون عبادةً
صحيحةً، ولا مُبْرِئَةً للذِّمَّة.
وقد
اتَّفق الأَئِمَّةُ الأَرْبعةُ على وجوبِ إِخْراجِ صدقةِ الفِطْر في البلد الذي فيه
الصَّائِمُ مادام فيه مستحقُّون لها، وصَدَرَ بذلك قرارٌ من هَيْئَةِ كِبار العلماءِ
في المملكة؛ فالواجبُ التَّقَيُّد بذلك، وعدمُ الالتفات إِلى مُن يُنادون بخِلافه؛
لأَنَّ المسلمَ يحرص على براءَةِ ذِمَّتِه، والاحتياطِ لدِيْنِه، وهكذا كلُّ العبادات
لابدَّ من أَدائِها على مقتضى الاعتبارات نوعًا ووقتًا ومصرفًا؛ فلا يُغيِّر نوعَ العبادة
الذي شرعه اللهُ إِلى نوعٍ آخَرَ.
فمثلاً: فِديَةُ الصِّيام بالنِّسْبة للكبير الهَرِمِ والمريضِ المُزْمِنِ اللَّذينِ لا يستطيعان الصِّيامَ قد أَوْجَبَ اللهُ عليهما الإِطْعامَ عن كلِّ يومٍ بدلاً من
([1])أخرجه: مسلم رقم (1718).