×
المنتقى من فتاوى الجزء الثاني

في الحوض، والسَّببُ في ذلك الجهلِ أَو العجلةُ أَوْ عدمُ المبالاة.

4- ومنهم من يُقدِّمُ رَمْيُ الأَيَّام الأَخيرةِ مع رَمْيِ اليومِ الأَوَّلِ من أَيَّامِ التَّشْريق، ثمَّ يُسافر قبلَ تمامِ الحجِّ، وبعضُهم إِذا رمى لليومِ الأَوَّلِ يُوكِّل من يرمي عنه البقيَّةُ ويسافر إِلى وطنِه، وهذا تلاعبُ بأَعْمال الحجِّ وغرورٍ من الشَّيْطان، فهذا الإِنْسانُ تحمَّل المشاقَّ، وبذل الأَمْوالَ لأَداءِ الحجِّ، فلمَّا بَقِيَ عليه القليلُ من أَعْمالِه تَلاَعَبَ به الشَّيْطانُ فأَخلَّ به وترك عِدَّةَ واجباتٍ من واجباتِ الحجِّ، وهي رَمْيُ الجمراتِ الباقيةِ، وتركِ المبيتِ بمِنًى لياليَ أَيَّامِ التَّشْريق، وطوافُه للوداع في غير وقتِه؛ لأَنَّ وقتَه بعد نهاية أَيَّامِ الحجِّ وأَعْمالِه.

فهذا لو لم يحجَّ أَصْلاً وسلِم من التَّعَبِ وإِضاعةِ المالِ لكان أَحْسنَ؛ لأَنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ [البقرة: 196]، ومعنى إِتْمامِ الحجِّ والعُمْرةِ إِكْمالُ أَعْمالِهما لمن أَحْرَمَ بهما على الوجهِ المشروعِ، وأَنْ يكونَ القَصْدُ خالصًا لوَجْهِ الله تعالى.

5- من الحُجَّاج من يفهم خَطَأً في معنى التَّعجُّل الذي قال الله تعالى: ﴿فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ [البقرة: 203]، فيظنُّ أَنَّ المرادَ باليومين يومِ العيد ويومٍ بعده، وهو اليومُ الحادي عشر فينصرف في اليومِ الحادي عشر ويقول: أَنَا مُتعجِّلٌ، وهذا خطأٌ سببُه الجهلُ؛ لأَنَّ المرادَ يومان بعد يومِ العيد، هما اليوم الحادي عشر والثَّاني عشر، من تعجَّلٍ فيهما فنفر بعد أَنْ يرميَ الجمارَ بعد زوال الشَّمْس من اليوم الثَّاني عشر وقبل غروب الشَّمْس فلا إِثْمَ عليه، ومن تَأَخَّرَ إِلى اليومِ الثَّالث عشر فرمى الجِمارَ بعد زوال الشَّمْس فيه، ثم نفَر فهذا أَفْضل وأَكْملُ.


الشرح