المسأَلة الأُولى: العَرَايَا -
فَإِنها مستثْناةٌ من منعِ تحريم الرُّطَب بالتمرِ الذي جَاءَ النهيُ عنه في حديث
سعْدِ بن أَبي وَقاصٍ رضي الله عنه قال: سمعْت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يَسأَل عن اشْترَاءِ التمرِ بالرُّطَب، فقال لمن حَوْله: «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ
إِذَا يَبِسَ؟» قَالُوا: نَعَمْ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ ([1]) فَقدْ خَصَّصَ من هذا الحديث بيْعَ العَرَايَا - وهي
جَمعُ عَرِيَّةٍ - فَعِيلةٍ بمعنى مفْعُولةٍ. وهي في اللغَةِ - كُل شَيْءٍ
أُفْرِدَ من جُملةٍ - قال أَبو عُبيْدٍ: من عَرَاه يَعْرُوه، إِذَا قصَدَه،
وَيَحْتمل أَن يكون فَعليه بمعنى فَاعِلةٍ - مِن عَرِيَ يَعْرَى إِذَا خَلعَ
ثِيَابه. كَأَنها عَرِيَت من جُملةِ التحريم - أَيْ: خَرَجَت. وَقال ابن عَقيل هي
في الشَّرع: بيْعُ رُطَب في رُؤُوس نخْلةٍ بتمرٍ كَيْلا-، وَهذا على الصحيح من
مذهب الحَنابلةِ: أَن العَرِيَّةَ مخْتصَرَةٌ ببيْعِ الرُّطَب بالتمرِ.
وَالدليل على
تخْصِيصِ العَرَايَا من حديث النهيِ عن بيْعِ الرُّطَب بالتمرِ هو حديث رَافِعِ بن
خَدِيْجٍ وَسهل بن أَبي حَثْمةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: نَهَى
عَنِ الْمُزَابَنَةِ - بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ إلاَّ أَصْحَابَ الْعَرَايَا،
فَإِنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُمْ» ([2]). وَعَن زَيْدِ بن
ثَابت: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا،
أَنْ تُبَاع بِخَرْصِهَا كَيْلاً» ([3]).
وَفِي لفْظٍ: «رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ، يَأْخُذُهَا أَهْلُ الْبَيْتِ بِخَرْ صِهَا تَمْرًا، يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا» ([4]).
([1])أخرجه: أبو داود رقم (3359)، والترمذي رقم (1225)، وابن ماجه رقم (2264)، وأحمد رقم (1515).