لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى
بِأَصْحَابِه ثُمَّ رَقَى عَلَى المنبر ورَكَعَ، ثُمَّ نَزَلَ وسَجَدَ فِي
الأَرْض، ولَمَّا سَلَّمَ أَخْبَرَهُم أنه فَعَلَ هَذَا مِن أجْلِ أن يُعَلِّمَ
الصَّلاَةَ ([1])، فَدَلَّ عَلَى أن
عُلُوَّ الإِمَام يَسِيرًا لا يَضُرُّ.
ثَانِيًا: «وصلاته
فِي محراب يَمنَع مشاهَدتَه» أي يُكرَه أن يصلي الإِمَام فِي الطَّاق وَهُوَ
هُنَا المحراب، والمحراب فِي الأَصْل اسم لما يصلَّى فيه، قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿فَنَادَتۡهُ
ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَهُوَ قَآئِمٞ يُصَلِّي فِي ٱلۡمِحۡرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ
يُبَشِّرُكَ بِيَحۡيَىٰ مُصَدِّقَۢا بِكَلِمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّدٗا وَحَصُورٗا وَنَبِيّٗا مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ﴾ [آل عمران: 39]، ﴿وَهَلۡ أَتَىٰكَ نَبَؤُاْ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُواْ ٱلۡمِحۡرَابَ﴾ [ص: 21]، وَأَمَّا الطَّاق
الَّذِي يُجعَل فِي قِبلة المَسْجِد فَهَذَا لأِجْلِ مَعْرِفَة القِبلة، ويصلي
الإِمَام مُحَاذِيًا لَهُ ولا يَدخُل فيه؛ لأنه إِذا دَخَلَ فيه لا يَرَاهُ
المَأْمُومُونَ ولا يتمكنون من الاِقْتِدَاء به، هَذَا وَجْهُ الكراهية. وجَعْلُ
المحرَاب بِهَذَا المَعْنى مِن عَمَلِ المُسْلِمِينَ، وَبِهِ تُعرَف جِهَة
القِبلة، فَلاَ يَكُون بِدْعَةً كما يَقُول البَعْض.
ثَالِثًا: «وتَطَوُّعُه
مَوْضِع المكتوبة» يُكرَه تَطَوُّعُ الإِمَام فِي مَوْضِع الصَّلاَة المكتوبة؛
لئلا يَظُنُّ مَن يَرَاهُ أن الصَّلاَة لَم تَنقَضِ.
رابعًا: «وإطالته الاِسْتِقْبَال بعد السَّلاَم» يُكرَه أن يَبْقَى الإِمَام مستقبِلاً لِلقِبلَةِ بعد السَّلاَم، وَإِنَّمَا كَانَ صلى الله عليه وسلم يَبقَى بعد السَّلاَم مُسْتَقْبِلَ القِبلة بِمِقدَارِ ما يَستَغفِرُ الله ثَلاَث مَرات، ويقول: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ
([1])أخرجه: البخاري رقم (917)، ومسلم رقم (544).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد