وعن ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله
عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: «مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو
لِلَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ» رواه الْبُخَارِيُّ([1]).
****
مُناسَبة الحديث لِلْباب: أنَّ فيه
الخوفَ من الشِّرْك الأصْغرِ، كما أنَّ في الآيتين قَبْلَه الخوفَ من الشِّرْك
الأكْبرِ، والباب شاملٌ للنَّوعين.
ما يُستفاد من
الحديث:
1- شِدَّةُ الخوفِ
من الوقوع في الشِّرْك الأصْغرِ، وذلك من وجهين:
الأول: أنَّ الرَّسُولَ صلى
الله عليه وسلم تخوَّف من وقوعه تخوُّفًا شديدًا.
الثَّاني: أنَّه صلى الله
عليه وسلم تخوَّف من وقوعه في الصَّالِحِين الكاملِين فمَنْ دونهم من باب أَوْلَى.
2- شِدَّةُ شفقتِهِ
صلى الله عليه وسلم على أُمَّته، وحِرْصُه على هدايتهم، ونُصْحُه لهم.
3- أنَّ الشِّرْكَ
ينقسم إِلى أكْبر وأصْغر - فالأكْبر هو أن يُسوِّي غيرَ الله بالله فيما هو من
خصائص الله، والأصْغر هو ما أتى في النُّصوص أنَّه شِرْكٌ ولم يَصِل إِلى حدِّ
الأكبر - والفرق بينهما:
أ- أنَّ الأكْبر
يُحبِط جميع الأعمال، والأصْغر يُحبِط العمل الذي قارَنَهُ.
ب- أنَّ الأكْبر
يُخَلِّد صاحبه في النَّار، والأصْغر لا يوجب الخُلود في النَّار.
ج- أنَّ الأكْبر
يُنقِل عن المِلَّة، والأصْغر لا يُنقِل عن المِلَّة.
«يَدْعُو»: الدُّعاء هنا هو السُّؤال، يقال: دعاه إذا سأله أو استغاث به.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4497)، ومسلم رقم (92).