وقال أَبُو
العَبَّاسِ - بعد حديث زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الذي فيه أنَّ الله - تعالى - قَالَ:
«أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ..» الحديث - وقد تقدَّم -: «وهذَا
كثيرٌ في الكتاب والسُّنَّةِ، يذمُّ - سبحانه - مَن يُضيف إنْعامَه إِلى غيره،
ويُشرِك به، قال بعض السَّلَف: هو كقولهم: كانت الرِّيح طيِّبةً، والملاَّح
حاذقًا... ونحو ِذلك ممَّا هو جارٍ على ألسنة كثيرةٍ».
*****
«وَرِثْتُهُ عَنْ
آبائي... إلخ»: وقائل هذِه الأقوال ونحوِها مُنكِرٌ لنعمة الله بإضافتها إِلى غيره،
جاحدٌ لها غيرُ معترفٍ بها، والآية تعُمُّ ما ذَكَره العلماء في معناها.
المَعْنى
الإْجْماليُّ لِلآْية: أنَّ المشركين يعترفون بنِعَمِ الله التي عدَّدها
عليهم - في سورة النَّحْل وغيرِها - أنَّها مِن الله ثُمَّ يُنكرونها بإضافتها
إِلى غيره مِن آلهتهم وآبائِهم وغيرِهم، فهُمْ متناقضون في ذلك.
ما يُستفاد من
الآْية:
1- أنَّ المشركين
معترفونَ بتوحيد الرُّبُوبِيَّةِ.
2- وجوبُ نِسْبةِ
النِّعَمِ إِلى الله سبحانه وتعالى وحْدَه.
3- التَّحذيرُ مِن
نِسْبة النِّعَم إِلى غير الله؛ لأنَّه شِرْكٌ في الرُّبُوبِيَّة.
4- وجوبُ
التَّأدُّبِ في الألفاظ، وتحريمُ الاعتماد على الأسباب.
التَّراجم: أَبُو
العَبَّاسِ: هو شيخُ الإِسْلام أَحْمَدُ ابنُ تَيْمِيَّة رحمه الله.
«وقد تقدَّم»: أيْ: في باب ما
جاء في الاستسقاء بالأنْواء.
«الملاَّح»: قائد السَّفينة.