وَإِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ الرُّبُوبِيَّةَ
مِنْهُ - تَعَالَى - لِعِبَادِهِ، وَالتَّأَلُّهَ مِنْ عِبَادِهِ لَهُ -
سُبْحَانَهُ - كَمَا أَنَّ الرَّحْمَةَ هِيَ الوَصْلَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ
-سُبْحانَهُ-.
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«وَإِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ
الرُّبُوبِيَّةَ مِنْهُ - تَعَالَى - لِعِبَادِهِ، وَالتَّأَلُّهَ مِنْ عِبَادِهِ
لَهُ -سُبْحَانَهُ- » هذا معنى قول العلماء: توحيد الربوبية توحيد الله
بأفعاله -سبحانه- كالخلق والرزق والإحياء والإماتة وتدبير الخلق، وتوحيد الألوهية:
هو توحيد الله بأفعال العباد التي يتقربون بها إليه؛ من الدعاء، والاستغاثة،
والخوف، والرجاء، والصلاة، والزكاة، وغير ذلك من الأعمال.
قوله
رحمه الله:
«كَمَا أَنَّ الرَّحْمَةَ هِيَ الوَصْلَةُ
بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ -سُبْحانَهُ- » الرحمة من الله صفة من صفاته سبحانه
وتعالى فمن صفاته الرحمة، وأثبتها لنفسه، والرحمة أنواع:
النوع
الأول:
نوع عام لجميع المخلوقات، الآدميين والبهائم وجميع المخلوقات، حتى الكفار تنالهم
هذه الرحمة العامة.
النوع
الثاني:
رحمة خاصة بالمؤمنين؛ قال تعالى: {وَكَانَ
بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا}
[الأحزاب: 43].
وهناك أنواع كثيرة للرحمة، تصل إلى مائة رحمة، منها رحمة يتراحم بها العباد بعضهم مع بعض، حتى إن الدابة ترفع حافرها عن ولدها؛ رحمة به ([1])، فهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى؛ فالبهيمة تحنو على ولدها، وتدافع عنه، وتغذيه؛ رحمة من رحمة الله عز وجل جعلها الله في هذه البهائم، أو هذه الطيور، أو هذه المخلوقات.
([1])أخرجه: البخاري رقم (6000)، ومسلم رقم (2752).
الصفحة 4 / 309