×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

{يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ} هم أنفسهم يتقربون إلى الله بالوسيلة، وهي العبادة.

{أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ} فكيف يعبدون مع الله وهذه حالهم: أنهم هم يتقربون إلى الله؟! {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا}.

فهذا يدل على أنهم عباد، وأنهم يعبدون الله، وأنهم يرجون رحمته، ويخافون عذابه، فهم عباد، فكيف يتخذون آلهةً ووسائطَ عند الله سبحانه وتعالى ؟!

قوله رحمه الله: «كَمَا هُوَ المَعْهُودُ فِي الدُّنْيَا مِنْ حُصُولِ الكَرَامَةِ وَالزُّلْفَى لِمَنْ يَخْدمُ أَعْوَانَ المَلِكِ وَأَقَارِبه وَخَاصَّته» فشبهوا الله عز وجل بالملوك الذين يتوصل إليهم بالوسائط والوزراء؛ لأن الملوك لا يعلمون أحوال الناس؛ فهم بحاجة إلى من يبلغهم، ولا يعرفون أيضًا حاجة الشخص؛ فهم يعرفون الملوك بحاجة الرعية وحالتهم؛ فالملوك بحاجة إلى الوسطاء والوزراء؛ لأنهم لا يعرفون أحوال الناس، ولا يعلمون الغيب، وأيضًا الملوك لا بد من أحد يؤثر عليهم؛ لأجل أن يجيبوا من طلب منهم حاجة، لا بد من أحد يؤثر عليهم، ويرقق قلوبهم ويعطفهم على المحتاجين، أما الله عز وجل فإنه رحيم ودود قريب مجيب، وليس بحاجة إلى أن يؤثر عليه أحد، أو يستعطفه أحد، تعالى الله عن ذلك، فهو ليس بحاجة كالملوك الذين يحتاجون إلى الوزراء؛ فالملوك يضطرون إلى قبول شفاعة الشافعين؛ لأنهم بحاجة إليهم؛ يخدمونهم ويقومون بأوامرهم، فهم يطيعونهم ويقبلون شفاعتهم من أجل أن يقوموا بخدمتهم وإعانتهم على ملكهم، أما الله فإنه غني، وليس بحاجة إلى أحد، فهناك فروق بين الرب وبين الملوك، فإذا كانت الوسائط والشفعاء ينفعون عند الملوك فهم لا ينفعون عند الله سبحانه وتعالى ولا ينفعك إلا عملك، ولا يضرك إلا عملك، فعليك أن تعتني بعملك الذي يقربك إلى الله عز وجل.


الشرح